صغيرتي ليان حين وقفت عند رتل الكتب لم تكن تبحث عن كتاب باللغة العربية...
قالت إنها تتذوق القصص باللغة الأجنبية , وبأنها تحب قراءة العربية فقط في القرآن الكريم...
ابنة السنة الثانية عشرة تؤكد بأن معلمات العربية في المدرسة لا يشوقنها للعربية قدر ما تفعله معلمة تحفيظ القرآن في الدار المتاخمة لمنزلها...ليان تؤكد أنها تتحدث الإنجليزية بطلاقة لأن معلمتها تشوقها للفظ وللكلمة ولممارسة القراءة بأساليب عديدة بينما مقررات المدرسة تشمل ثليها العربية إلا أنها لا تستطيع التحدث بها بطلقة كما تفعل معلمة القرآن في الدار...
ليان ابتاعت عشرة قصص بالإنجليزية وفجأة وجدتها أمام مجموعة من الكتب تتحدث عن التجويد وشرح سورة الفاتحة وتفسيرها ومناسبة بعض السور...ثم اقتنت شرائط مسموعة للقرآن الكريم...
مفارقة كبيرة جعلتني أمشي بجوارها وأتبع انتقاءاتها دون نقاش...
بعد أن وصلنا للمنزل التفتت ليان إلي بهدية لم أدر أنها حين ابتاعتها كانت لي , المصحف الكريم وعليه عبارة:
(ورتل القرآن ترتيلا..., مصحف التجويد و التحفيظ)...
وبداخله إشارات ملونة لتعلم مواضع التجويد...
تركت ليان تستمتع بمقتناياتها...
وبعد الغداء سألتها عن مفارقة قراءاتها باللغتين...
قالت: أحب أن أعرف العربية وأحبها من خلال القرآن لا من خلال معلماتي...
وأحب أن أتقن اللغة الأخرى من معلماتي...
أما لماذا فليان تجيب: لأنهن يعلمنني لغتهن الأصل بقراءتهن الخاصة...لذلك تدهشك مخارجي للكلمات الأجنبية..
أما معلماتي العربيات فإنهن لا يفعلن...
***
ليان وضعت يدي على محاور مهمة: فالمعلمات العربيات لم يتعلمن لغتهن العربية بحيث تصبح موظفة على ألسنتهن ففقدن حاسة الإحساس بها وحبها وتعليمها بوعي...أما الأخريات فهن يعلمن لغتهن لأنها قضية تندمج بمشاعرهن...وهذا الفارق...
أما معلمات القرآن فهن حملة الأمانة وما اللغة إلا الوسيلة للتبليغ وذلك هو المدار...
فمن يركض في مضماره...؟
بارك الله في هذا الجيل إن حذا كما ليان...حفظها الله.