الثقافية - علي بن سعد القحطاني
يواصل المهرجان الوطني للتراث والثقافة (جنادرية 23) أنشطته الثقافية لليوم الثالث التي خصصت عن (العلاقات الثقافية والسياسية بين المملكة وتركيا) وذلك مساء يوم السبت 30-2-1429هـ الموافق 8-3-2008م في قاعة الملك فيصل الرئيسية بفندق الإنتركونتيننتال في ندوة موسعة شارك فيها كل من الدكتور أحمد صالح الطامي رئيس نادي القصيم الأدبي والدكتور محمد عاكف إيدين والأستاذ عبدالله بن هاجس الشمري مستشار وكيل وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي، وطالب دراسات عليا في إحدى الجامعات التركية تحدث في البداية الدكتور أحمد بن صالح الطامي عن العلاقات الثقافية السعودية - التركية مستهلا ورقته بتعريف مصطلح (الثقافة) وذكر الأسس والمنطلقات التي تتكئ عليها العلاقات الثقافية بين البلدين الشقيقين وقال:
بداية أرى من الضروري تحديد المقصود بكلمة (الثقافة)، على الأقل في مجال العلاقات التي يمكن تطويرها ثقافيا بين المملكة وتركيا.
الثقافة في اللغة العربية تعني أساسا الحذق والتمكن، ثم استعير ذلك للإنسان فالمثقف هو المهذب، والمتعلم، والمتمكن من العلوم والفنون والآداب.
لكن مصطلح (ثقافة) يستخدم غالبا ليقابل الكلمة الأوروبية culture التي يشير إلى نتاج إرث المجتمع من المعتقدات، والعادات، والتقاليد، والأفكار والقيم، والمبادئ، والمثل، وحتى الأفكار الخرافية والفنون المختلفة التي تميز مجتمعا عن آخر.
ومفهوم الثقافة يشمل كذلك السلوكيات، والقيم المادية التي تشكل طريقة شعب ما في الحياة.
كما يشمل مفهوم الثقافة المعارف التي تتوارثها الأجيال يدخل في ذلك الأدب بكافة أشكاله والموسيقى والفنون الشعبية والفنون التشكيلية والنحت والرقص والأفلام.
وتعرف اليونسكو الثقافة بأنها مجموع الخصائص الروحية، والمادية، والمعرفية، والعاطفية التي تميز مجتمعا أو جماعة. هذه الخصائص تشمل الأدب والفن، وطرق العيش والتعايش، وأنماط الحياة lifestyles، وأنظمة القيم، والعادات والموروثات، والمعتقدات.
ويظل تعريف مصطلح (الثقافة) مستعصيا على تعريف أو تحديد متفق عليه، ولكن غالبية التعريفات لا تبتعد كثيرا ولا تختلف عما أشرت إليه.
فنحن إذن أمام أفق واسع من أنماط ومجالات العلاقات الثقافية التي تجمع بين شعبين أو مجتمعين.
وإذا جئنا للعلاقات الثقافية التي تجمع الشعبين السعودي والتركي، وانطلاقا من مفهوم الثقافة المشار إليه آنفا فإننا أمام تربة خصبة قادرة على إقامة علاقات ثقافية مزدهرة، ودائمة، ومتعددة الأبعاد.
الأسس والمنطلقات
لعلي أشير في البداية إلى الأسس والمنطلقات التي تتكئ عليها، وتنطلق منها هذه العلاقات الثقافية السعودية التركية المأمولة:
أولاً: الدين الإسلامي:
يشكل الدين عاملا جوهريا وعميقا في العلاقات بين الأفراد والمجتمعات والشعوب. والإسلام هو دين الشعبين السعودي والتركي. ومعروف أن الدين الإسلامي ليس شعائر دينية عبادية فحسب بل هو سلوك، وفكر، وطريقة حياة، وفن، وأدب، وغير ذلك كثير، وليس من شك في تأثير الدين على حياة الشعوب، وعاداتها، وتقاليدها، وسلوكياتها، وبالتالي فإن الدين الإسلامي نبع لا ينضب من أشكال العلاقات الثقافية القوية والدائمة.
ثانياً: التاريخ المشترك:
تعود العلاقات بين العرب والأتراك إلى القرن الأول الهجري منذ خلافة معاوية بن أبي سفيان، وفي العصر العباسي ازداد نفوذ الأتراك في بلاد الدولة العباسية وأجهزتها حتى أصبحوا القومية الثانية بعد العرب من حيث النفوذ، ولكن أبرز مراحل الالتحام التاريخي بين العرب والأتراك كان خلال فترة الدولة العثمانية التي ورثت الخلافة الإسلامية وحافظت عليها طيلة عدة قرون حكمت معظم أجزاء العالم الإسلامي، بما في ذلك العالم العربي، طيلة فترة حكمها.
إن هذا التاريخ الطويل المشترك بين الشعبين العربي والتركي بكل إيجابياته وسلبياته ومراحله يشكل هو الآخر مرتكزا ومنطلقا لعلاقة متميزة بين العالم العربي والجمهورية التركية. وتأتي أهمية الحقبة العثمانية لقربها من تاريخنا المعاصر، من ناحية، ولأن نهايتها أفضت إلى تشكل الخريطة السياسية المعاصرة لتركيا والوطن العربي من ناحية ثانية.
من هذين المرتكزين تتفرع وتنبثق وتنمو تزدهر العلاقات الثقافية بين الدول العربية عموما، والمملكة خصوصا، والجمهورية التركية.
من هنا نستطيع القول مطمئنين: إن أساس العلاقات الثقافية التركية السعودية متوفر وكامن بشكل متواز ومتكافئ بين البلدين. هذا الأساس لا يخص العلاقات السعودية التركية، بل العلاقات العربية التركية عموما، ذلك أن المملكة العربية السعودية بلد عربي مسلم يشترك مع كافة أقطار البلدان العربية عموما في هذه الأرضية الثقافية المشتركة المعتمدة على أساسي الدين والتاريخ المشتركين، ولكن يمكن للعلاقات الثقافية السعودية التركية أن تتخذ طابعا خاصا، وترتكز على عوامل خاصة تجمع البلدين. هذه العوامل يمكن استثمارها، وتعزيزها وتطويرها بغية الوصول إلى علاقة ثقافية سعودية تركية مثمرة، وفاعلة، ومسهمة في إثراء الحركة الثقافية في البلدين معا، وسيكون لهذه العلاقة الثقافية المنتظرة أثرها على تعزيز وتطوير وإثراء العلاقات الثقافية بين البلدين العربية وتركيا.
عوامل تفعيل إثراء وتعزيز العلاقات الثقافية السعودية التركية:
تتميز العلاقات السعودية التركية بثلاثة عوامل ثابتة يمكن استثمارها لتعزيز العلاقات الثقافية.
العامل الأول العلاقات السياسية الجيدة بين البلدين:
تميزت العلاقات السعودية التركية بالاحترام المتبادل، والتعاون, والثبات منذ تأسيس الدولتين السعودية والتركية الحديثتين. ولم ينشأ بين البلدين أي أزمات سياسية تعيق نشوء علاقات ثقافية فاعلة، وفي السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الزيارتين اللتين قام بهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تركيا اكتسبت العلاقات السعودية التركية زخما كبيرا، وزادت نسبة التقارب، والتعاون. كما ظهرت إرادة الطرفين لتوسيع العلاقات بينهما في شتى المجالات، وفي الزيارة الأخيرة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تركيا في 28- 10-1428هـ الموافق 9-11-2007م اتفقت الدولتان نتيجة للمباحثات التي جرت بين الملك عبدالله والرئيس التركي عبدالله جول على توسيع العلاقات وتطويرها في شتى المجالات سياسيا، وأمنيا، واقتصاديا.
وقد نص البيان المشترك بشأن التعاون بين الجمهورية التركية والمملكة العربية السعودية الصادر في 28-10-1428هـ الموافق 9-11-2007م على إثر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ما يلي: (يعمل الطرفان على تنظيم فعاليات وأنشطة ثقافية في البلدين بهدف إبراز الثراء الثقافي لديهما).
وهذا يعني أن تعزيز العلاقات الثقافية يلقى دعما من القيادتين السعودية والتركية، وهو دعم لازم وجوهري لتفعيل هذه العلاقات وإثرائها، وهنا يأتي دور المؤسسات الثقافية في البلدين لاستثمار هذا التطور في العلاقات بين البلدين وهذا الدعم السياسي لتعزيز العلاقات الثقافية بينهما.
العامل الثاني: مواسم الحج
تستقبل المملكة سنويا، وعلى مدار العام عشرات الآلاف من الإخوة الأتراك لأداء مناسك العمرة والحج.
ولا شك أن من هؤلاء المعتمرين والحجاج رموزا ثقافية، أو على أقل تقدير مثقفين يمكن استثمار زيارتهم الدينية لتقديم شيء من الثقافة التركية في الوسط الثقافي السعودي من خلال المنابر الثقافية الرسمية والخاصة كالأندية الأدبية، والجامعات، والمنتديات الثقافية، وغيرها. كما يمكن التنسيق لتنظيم زيارات للمثقفين والراغبين من الأتراك من الحجاج والمعتمرين لبعض معالم المملكة الثقافية، وتنظيم حوارات فكرية وثقافية بين المثقفين السعوديين والأتراك.
إن مواسم الحج والعمرة فرصة كبرى للشعوب الإسلامية بصفة عامة لكي تلتقي وتتحاور وتتقارب بغية الوصول إلى حراك ثقافي إسلامي يبرز الثقافة الإسلامية الواعية، والمستنيرة، والمتسامحة التي تعكس جوهر الإسلام الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم إلى البشرية جمعاء.
عوامل تعزيز العلاقات الثقافية بين المملكة وتركيا
ما ذكرته في الصفحات السابقة يمثل الأسس الثابتة والمصادر الكامنة التي يمكن استثمارها لإقامة علاقة ثقافية قوية وفاعلة بين البلدين.
لكن هذه العوامل بحاجة إلى وسائل فاعلة لاستثمارها، وتفعيل دورها في علاقات ثقافية قوية ومثمرة. ووسائل تعزيز العلاقات الثقافية كثيرة، ويمكن تحديد أربع وسائل أرى أنها ستسهم بفعالية في إقامة علاقات ثقافية ناجحة بين البلدين، هذه الوسائل هي:
1- تشجيع الترجمة بين الثقافتين العربية والتركية، يشكل اختلاف اللغة أكبر عقبة بين أي ثقافتين. وحركة الترجمة بين اللغتين العربية والتركية ضعيفة، وغير مؤثرة، وتعاني من فقر شديد.
ودور الترجمة والباحثون والعلماء في البلدين لا يضعون الترجمة بين اللغتين في اهتماماتهم، ويكفي أن نستعرض الكتب المترجمة إلى اللغة العربية من اللغات العالمية لنكشف ضآلة الترجمة من التركية إلى العربية. وقل مثل ذلك من العربية إلى التركية، وهذه ظاهرة ليست خاصة بين اللغتين العربية والتركية بل هي عامة بين لغات الشعوب الإسلامية، فقد استأثرت اللغات الأوروبية - للأسف - بجهود الترجمة في الثقافتين التركية والعربية، وقد حرم ذلك الشعوب الإسلامية من الاطلاع على كنوز ثقافية تختزنها ثقافات الشعوب الإسلامية. لقد آن الأوان أن نستثمر الثراء الثقافي للعالم الإسلامي في بعث حركة ترجمة قوية سيكون أثرها إيجابيا على المستويين الإسلامي والعالمي.
إن الترجمة يجب ألا تعتمد على الجهود الفردية والاجتهادية، فالترجمة تحتاج إلى عمل مؤسسي مدعوم دعما سخيا من القطاعين الحكومي والأهلي، كما أن اختيار الأعمال المترجمة يجب ألا يخضع للاجتهادات الفردية، بل من خلال المؤسسات الثقافية التي يجب أن تختار ما يبرز الوجه الثقافي والحضاري والإنساني.
2- تكوين مشاريع ثقافية مشتركة.
إن تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين لابد له من برامج وخطط ومشاريع تضطلع بها المؤسسات الرسمية وغير الرسمية. فالمبادرات الفردية تزول بزوال أصحابها، أما العمل المؤسسي فيفترض له الاستمرار والنمو, لقد أشرت قبل قليل إلى غياب الترجمة بين الثقافتين، ويمكن أن تكون الترجمة مجالا خصبا وواسعا لمشاريع ثقافية لتبني أسس ومنطلقات للعلاقات الثقافية. إن ترجمة الإبداع الأدبي شعرا ورواية وقصة قصيرة، وترجمة الفكر النقدي الأدبي، وترجمة الفكر الإسلامي، وترجمة الدراسات الإسلامية، والدراسات السياسية، والتاريخية، وغيرها كلها مجالات رحبة لمشاريع ثقافية ناجحة تحتاجها الثقافتان العربية والتركية.
العلوم الإسلامية في تركيا
تناولت ورقة الدكتور محمد عاكف إيدين (العلوم الإسلامية في تركيا - الماضي والحاضر والمستقبل) وذكر في مقدمة ورقته إلى أن المبادئ الأساسية في تكوين العلاقات الثقافية بين المملكة العربية السعودية وتركيا تقع جذورها العميقة في أصولها المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف، وشرع المحاضر في الحديث على ماضي العلوم الإسلامية في تركيا، وقال: لدى الاطلاع على ماضي العلوم الإسلامية في تركيا يستطيع المرء أن يرجع به إلى القرن الحادي عشر الذي يعتبر بداية دخول الأتراك في الأناطول وتعرفهم بالإسلام. فهؤلاء الذين ساعدوا أن تصبح الأناطول في القرن الحادي عشر موطن الأتراك ونعني بهم السلاجقة ثم العثمانيين، كانوا بالتالي يستمدون في ميادين العلوم الإسلامية من منبعين رئيسيين: أحدهما العلماء الذين أتوا من بلاد ما وراء النهر وخراسان والتراث العلمي الحاصل في تلك المناطق، وثانيهما العلماء الذين أتوا من المراكز الثقافية التي كان عناصر تلك المراكز وعلماؤها من جذور عربية، وعلى رأسها بغداد والكوفة ودمشق والقاهرة، والتراث العلمي الحاصل في تلك المناطق.
ومن الملاحظ أن الأتراك السلاجقة الذين تبنوا المذهب الحنفي وبخاصة بعد ألب آرسلان كانوا ينظرون إلى سائر المذاهب السنية بنظرة التسامح وهذا الموقف منهم كان في الفترات المتأخرة سببا لنشوء وترقية الأفكار العلمية من حينٍ لآخر لمنتسبي المذاهب المتعددة في المناطق التركية وفي تركيا خاصة.
لقد لعبت الدولة السلجوقية في الأنطول دوراً مهماً في نشأة العلوم الإسلامية وتعلمها وذلك عن طريق إنشاء كثير من المدارس في مختلف مناطق الأناطول وعلى رأسها قونيا، وقيصري، وسيواس.
وفي عهد الدولة العثمانية نرى الشيخ داود القيصري، العالم المشهور في عهده، كان يرأس مدرسة إزنيق التي لعبت دوراً مهماً في تأسيس التراث العلمي على أسس سليمة في حينه. وقد انتقل مركز العلوم الإسلامية إلى مدينة بورصة بعد الفتح العثماني لتلك المدينة.
وبجانب زيادة العلوم الإسلامية في الكمّ بتركيا، نستطيع أن نقول بأنه قد بدأت هناك خطوات إيجابية تتعلق بالكيف في تلك العلوم، وعلى رأس تلك الخطوات الإيجابية يعتبر تأسيس مركز للدراسات الإسلامية الذي أخذ على عاتقه أن يلعب دور مؤسسة تتنبأ به مستقبل تركيا في الدراسات القائمة بمختلف ميادين العلوم الإسلامية. فقد تبنى وقف الديانة التركي عام 1983م فكرة إعداد موسوعة إسلامية بإسهامٍ علمي من قبل علماء أتراك ومسلمين، وبدأت الاستعدادات اللازمة في ذلك. وبعد استعدادات أولية دامت خمس سنوات كاملة بدأ نشر المجلد الأول للموسوعة المذكورة عام 1988م، ولكي تصدر الموسوعة على أكمل وجه حتى تتطور الأبحاث حول العلوم الإسلامية، فقد تقرر في العام نفسه تأسيس مركز للبحوث الإسلامية، المركز الذي أخذ على عاتقه إصدار تلك الموسوعة فالموسوعة المذكورة تحتوي على 17.000 مادة علمية صدرت منها حتى الآن 34 مجلداً وينتظر أن تنتهي في أربعين مجلداً.
قدم الأستاذ عبدالله بن هاجس الشمري ورقته عن (العلاقات السعودية التركية - الجانب الثقافي) وهي في الأساس ملخص لدراسة علمية عن العلاقات الثقافية السعودية التركية وقد اقتضت منهجية الدراسة تقسيم الورقة العلمية إلى قسمين:
القسم الأول: تستعرض تاريخ العلاقات الثقافية العربية التركية ودور الأتراك في نشر الإسلام والدفاع عن المقدسات الإسلامية في وجه المغول والصليبيين وتأثير فتح القسطنطينية على انتشار الإسلام في أوروبا.
القسم الثاني: ويشمل خلفية عن العلاقات الثقافية السعودية التركية بعد إعلان الجمهورية التركية عام 1923م وزيارة الملك فيصل لتركيا في عام 1966م وتأثيرها على دفع العلاقات الثقافية بين المملكة وتركيا واشتملت الورقة على رصد التطورات التاريخية والمعاصرة في العلاقات الثقافية السعودية التركية وعن رؤيته حول واقع العلاقات الثقافية بين البلدين وقال: من خلال رصد واقع العلاقات الثقافية بين البلدين يتبين أن تركيا تعتبر من الدول التي يتنوع معها التمثيل الثقافي السعودي وهذا ظهر من خلال تجربة الخمس سنوات الأخيرة فقد تم استخدام بعض الأدوات الثقافية ومنها الاتفاقات الثقافية وتبادل الوفود وتبادل الزيارات بين المسؤولين والتبادل الطلابي وتقديم المنح الدراسية وتبادل الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة وفتح المكاتب الإعلامية والثقافية، وإن كان ليس بالصورة المرجوة من المتحمسين لتطويرها.
وتتميز العلاقات الثقافية بين المملكة وتركيا بنوع من الخصوصية وذلك بسبب ارتباط 99.8 في المائة من سكان تركيا البالغ عددهم 70 مليوناً بالأراضي المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والتي تحتضن الحرمين الشريفين موطن الوحي ومنطلق الرسالة مما أدى إلى وجود تفاعل ثقافي ووجداني دائم بين الشعبين على الرغم من الاختلاف اللغوي والتباعد الجغرافي إلا أن هذا لا يعني إعطاء صورة وردية للعلاقات الثقافية بين البلدين والشعبين وذلك للأسباب التالية:
1- أن ترسيخ العلاقات الثقافية يحتاج إلى وقت طويل وجهود جبارة تقوم وفق خطط طويلة الأمد وخاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار الحاجز اللغوي وفترة شبه الانقطاع بين النخب الثقافية والاجتماعية والتي استمرت أكثر من 70 عاما ومستجدات العولمة كما أنه لا يمكن الاعتماد على العلاقات السياسية وحدها لتعزيز العلاقات الثقافية إذ لا بد من بناء أسس قوية لعلاقات ثقافية متينة ومبنية على قناعات لأن العلاقات السياسية قد تتعرض لهزات غير متوقعة بسبب تضارب المصالح وتغير الظروف.
2- أدت بعض الممارسات والتجاوزات الخاطئة أثناء الحكم العثماني لبعض أجزاء الجزيرة العربية إلى ترك آثار سيئة في الوجدان الشعبي كما أدت سياسات حكومة الاتحاد والترقي ضد العرب وكذلك الإجراءات المتحاملة على الدين والثقافة العربية في بداية إنشاء الجمهورية إلى نفرة متبادلة بين المجتمعات العربية ومنها المجتمع السعودي وبين المجتمع التركي وأوجدت فجوة بين الأتراك والعرب، واستمرت آثارها السلبية وأدى سوء الفهم هذا إلى حدوث نوع من الجفاء.
3- تركت ظروف أوائل القرن الماضي انعكاسا ومناخا سلبيا على الجانبين العربي والتركي وكانت مثل هذه الأفكار هي أحد مبررات القطيعة من وجهة النظر التاريخية وأصبحت أيضاً مبرراً لاستمرارها إذ تكونت لدى بعض النخب العربية نظرات سلبية تجاه الأتراك وتحميلهم أسباب تخلف الأقطار العربية بينما تكونت لدى بعض الأتراك نظرة شك تجاه العرب بسبب موقف بعضهم أثناء الحرب العالمية الأولى.
المداخلات
- تساءلت الأستاذة لطيفة العدواني من جامعة أم القرى: تعد أطروحة علمية لنيل درجة الدكتوراه عن العلاقات السعودية التركية في العصر الحديث) عن كيفية الاستفادة من الوثائق في المؤسسات الرسمية لتركيا؟
- رأى الدكتور محمد آل زلفة أن لتركيا دوراً عظيماً على الأمة العربية منذ أكثر من 400 سنة، وتمنى أن يكون هناك اعتناء بالآثار التركية في المملكة سواء في مكة والمدينة أم عين زبيدة.