ليست مصادفة أن يُختَار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فائزاً بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لهذا العام، وأن لا يكون لغيره حق بها، أو فرصة للمنافسة عليها، طالما أن شروطها ومتطلبات الفوز بها لا تتوافر في غير عبدالله بن عبدالعزيز.
***
ومؤسسة الملك فيصل الخيرية إذ تحتفي مساء اليوم - وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين - بجميع من فازوا بجوائزها لهذا العام، فهي تحتفي أيضاً لأن من بين الفائزين، وفي مقدمتهم راعي الحفل الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أعطى للإسلام والمسلمين من الخدمات ومن الجهد والعمل الدؤوب للدفاع عن حقوقهم المشروعة ما ميزه على غيره من القادة، فجاء تكريمه الليلة اعترافاً بفضله وتقديراً لجهاده وشجاعته، وما أبلاه من بلاء حسن لنصرة إخوانه المسلمين.
***
وأحسبني في غنى عن أن أعدد لكم في رصد مفصل كل ما أهله لاختياره فائزاً بالجائزة، أو أن أكتب لكم ولو شيئاً مختصراً عن مشواره الطويل في خدمة أمته والدفاع عن مقدساتها وما بذله في إطار ما يعزز من مكانتها ويصون حقوقها، فالملك عبدالله بن عبدالعزيز - وعلى خطى والده - ليس لديه من شاغل يشغله عن خدمة الإسلام، أو هم ينسيه خياره الوحيد في التقرب إلى الله، وتلمُّس احتياجات أمته الإسلامية.
***
ومهما قلنا وأفضنا في القول، وتوسعنا في إبراز إنجازاته ومواقفه في خدمة الإسلام والمسلمين، فإن ما يمكن أن نقوله في عجالة: إن الملك عبدالله بن عبدالعزيز لو لم يفعل من شيء في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين إلا قراراته الأخيرة التي تمثلت في توسعة المسعى ومواقع رمي الجمرات، وإدخال نظام السكك الحديدية ضمن خدمات ووسائل النقل داخل المشاعر المقدسة ومنها إلى المدن الأخرى لكفى، غير أن عبدالله بن عبدالعزيز ظل إلى جانب كل هذا مشغولاً في تقريب وجهات النظر بين إخوانه المسلمين، يحل الخلافات بينهم، ويجمعهم للاتفاق على صيغ وخيارات وترتيبات تزيل ما قد يكون حدث فيما بينهم من خلافات، وغير ذلك مما يذب به عن دينه وأمته مما لا يخفى على ذي موقف أمين ومنصف.
***
ومؤسسة الملك فيصل الخيرية، وهي تحتفي مساء اليوم بمرور ثلاثين عاماً على انطلاقة جائزتها العالمية، وإذ يرعى خادم الحرمين الشريفين مناسبتها التاريخية، وإذ يفوز الملك شخصياً بجائزة خدمة الإسلام من بين جوائزها، بينما تحتفل المؤسسة بمرور ثلاثة عقود على منافستها لجائزة نوبل العالمية، فمن المؤكد أن حدثاً مهماً كهذا سوف يحتفظ به التاريخ في سجلاته كما ستحفظه الأجيال في ذاكراتها، نسبة لأهميته وقيمته وما يرمي إليه.
***
وليس أسعد على المرء من أن يرى الإنفاق بسخاء يتم على تكريم الرواد والنابهين والمؤثرين في حياة الناس، على شكل جوائز معنوية تقدر لهؤلاء خدماتهم ومواقعهم، وتنصف تاريخهم، في ظل انشغال الدول والمؤسسات والأفراد في شؤون الحياة، وهو ما تنبهت إليه مؤسسة الملك فيصل الخيرية، فجاء اهتمامها مبكراً بالمبدعين وذوي الإنجازات الكبيرة، لتقوم سنوياً بتتويج هؤلاء بجائزتها العالمية تقديراً واعترافاً واحتفاء بعطاءاتهم الأكثر تميزاً، ولتجمعنا بهم وتجمعهم بنا في أجواء معطرة بأحلى الكلمات وأنقى الأفكار وأجمل الإنجازات.