كتب - المحرر الفني
حين تكون المعركة وسط عيون ناقليها لا بد للمشاهد من التعايش مع واقعها على ذمة (الناقل)، وفي عالمنا المعاصر كانت لغة الإعلام مسيطرة على مساجلات السياسة وآلة (الطحن) العسكري حين ولدت العربية كقناة تبلورت مع الأحداث.
العربية الآن هي عين كل مشاهد عربي يستطيع النظر إلى مجريات الأحداث بدقة متناهية حتى تشعر بأنك في ساحة الحرب أو على طاولة مستديرة مع صناع القرار أو حتى ضمن شريط مؤشر الأسعار وداخل الملعب.
هل ذكرنا الملعب هنا؟
حسناً..
كنت أقصد الساحة التي يتنافس فيها الرياضيون ولكنها تحولت في ذهني إلى ملعب (مجازي) قد أقصده في كل ما تنقله لنا قناة (العربية) التي احتفلت بعامها الخامس منذ انطلاقتها.
لاشك أن القناة سعودية بما لها ولكنها عربية بهويتها ولم تمِل في نظرتها للحراكات المتعددة هنا أو هناك فكان لزاماً عليها أن تنقل الحدث كما هو دون أن تعبث في محتواه أو تحوله إلى أيديولوجية تمارس بها ضغطاً هنا وهناك وتحاول أن تلوي عنق هذا وذاك وتكسر ذراعه.
العربية يقودها شباب ينظرون للأمام ولم يندبوا حظ ماضيهم العاثر أو يردحوا كي يقوم موتاهم من مرقدهم أو يشعلون فتنة، فكان أن تضخمت العربية لتضاهي من سبقوها باحترافية الأداء بهدفها الوحيد ب(أن تعرف أكثر) مهما كلفتهم الحقيقة وهم بالفعل قد نعوا زملاء لهم راحوا ضحية هدفهم بالوصول إلى منابع الحقيقة لنقلها إلى المشاهد العربي في كل مكان.
العربية استطاعت خلال أعوامها الخمسة أن تكسب ثقة المشاهدين، وهي تكلفت بذلك كثيراً مما لا يعلمه المشاهدون ولا يمكن قوله على صفحات الإعلام وشاشات التلفزة.
اقرءوا معي ما قاله الشيخ الوليد بن إبراهيم وهو يلقي كلمة أمام نخبة (مميزة) من الضيوف شاركوه العرس العربي:
العربية نقلت الخبر -قبل وجهة النظر- بصدق وأمانة وتوازن ومصداقية، بعيداً عن التضخيم والمبالغة واستثارة العواطف والمشاعر، ساعية في الوقت نفسه لمد جسور التواصل والحوار بين الحضارات، مع احتفاظها بهويتها المستقلة من النواحي التشغيلية والتحريرية والمالية. فاكتسبت بذلك ولاء المشاهدين وثقة المعلنين، واحترام الشركاء الرئيسيين من قادة الأعمال وصانعي القرار والرواد في القطاعات الحيوية المختلفة ويقفز السؤال إلى ذهني ليلتها قبل أن يتحدث مدير القناة ومسير دفتها السيد المخضرم عبدالرحمن الراشد فقلت في نفسي.. ماذا كان سيحدث لو لم تلد العربية؟ يجيب الراشد وقد علا رأسه الشيب من سنوات عمله في دوامة الإعلام قائلاً للجميع: (لا أحتاج إلى أن أسوّق لكم العربية فهي في بيوتكم وتسكن مع أهلكم، ولا أقولها مجازاً أو احتفالاً، ولكن لنتخيل العالم العربي بلا العربية خلال السنوات الماضية.
لكان العنف انفرد بإعلامنا، ولكانت السنوات بفريق واحد، ولون واحد، ونوافذ متعددة لكن بمشهد واحد ولغة واحدة.
لم يكن الثمن رخيصاً أبداً، فقد دفعت العربية الثمن دماً، من أجل إصلاح وتطوير الإعلام العربي الذي هو إصلاح للعالم العربي. وبالفعل فقد تغيرت اللغة والمنهج والمواقف والأماكن).
الحمد لله أن الإجابة جاءت من دار العربية شافية وواقعية وبسيطة تحمل في داخلها مجموعات من الدلالات التي يجب التوقف عندها كثيراً لولا ضيق المساحة.
ولأن مثل هذا العمل ذي الهدف الواحد يحتاج لثمن أغلى، فقد دفعت (العربية) رغم إرادتها دماء كثيرة من شرايين أبنائها الذين كانوا لبنة لقناة كان لها شأن في السنوات الخمس وسيكون لها الشأن الأكبر في نقل الواقع بالدقة الأعلى وضوحاً وتقديمه للمشاهد بما لا يدع مجالاً للشك أنه حقيقة لا ريب فيها.
