هي تلك المرأة العادية التي لا شيء فيها يعجبك الآن أو يرضيك أو يثيرك، على الرغم من أنها قبل كانت تبقي مشاعرك كبركان ثائر لا يهدأ، وهي التي لا تسمع منك غير كلمات إما لإظهار رجولتك بمفهومها القديم المبني على أسطورة (سي السيد)، وأنك صاحب الكلمة النهائية وأنت تتباهى أمامها بعقل غائب عنك أو حكمة لا تمتلكها، وإما وأنت تعيبها بجهلها لأمور لا تهتم بها أصلا مثل اهتمامك، ولا تتوقف عن ترديد ما يدل على امتعاضك من لباسها أو شكلها أو رائحة مثابرتها وتعبها لأجلك، وهي أيضاً على الرغم من جمالها ونعومتها تلك المخلوقة التي تلحظ في أقبح مذيعات القنوات الفضائية جمالاً ليس فيها، وتتسمر في مكانك وأنت تنتظر برنامجاً سمجاً تقدمه سالبة عقلك التي تحرك كل مشاعرك وهي تتمايل يميناً وشمالاً ان لم تفرض عليك الاتصال لتوضح مداخلتك التي لا فائدة منها، وهي تلك الصبورة التي فرض عليها أن تحسن استقبالك وتلاطفك وتسري عنك بعض ما علق على محياك من تعب دون أن تتذمر أو تشتكي من عدم اغتسالك على الرغم من تعرق جسمك ورائحة علقت بك وأنت تركض خلف مصالحك، هي باختصار حظك العاثر الذي رمتك الظروف والأقدار غير السعيدة لترتبط بها وتترك ملايين الفاتنات والحسناوات اللاتي تراهن لتتحسر على ما عندك.. الغريب أنك لست الوحيد، فالرجال معظمهم يشعرون بما تشعر به، ويتحسرون على التي عندهم كما تتحسر أنت، ويهربون بمشاعرهم أو نظراتهم وخيالهم إلى تلك التي يرون فيها كل ما يتمنون من جمال وخفة دم وأنوثة صارخة.
أما أنت.. فالحال تختلف معك، فرغم أنفك العجيب أو قوامك متعدد الأبعاد وعينيك المخفيتين لا تزال على ضلالك القديم، تعتقد أن الرجل لا يعيبه غير جيبه، وتعتقد أن كل النساء وخصوصا هي ينتظرن منك إشارة ليتراكضن إليك، وترى أن كل شيء لابد أن يكون ليسعدك ويحقق ما يرضيك.. لكني أسألك: هل فكرت يوما في مقدار ما تتحمله هي لأجلك دون أن تكلف نفسك عناء تحمل أصغر العيوب؟ وهل فكرت يوما أن الأفكار التي تراودك عنها قد تجول في خاطرها عنك، وأنها قد ترى فيك كل العيوب التي تفتري بها عليها، عاود التفكير في الأمر لتفهم ما أقصد.. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com