كلما شرعت في كتابة مقال أحث فيه المعلمين على تطوير أدائهم أجدني أنتهي إلى إتلاف ذلك المقال. فمن المخجل أن أطالب المعلمين بعطاء راقٍ متدفق وأصحاب قرارنا المالي يمنعونهم حقهم المادي الذي كفله لهم النظام. كان يمكن تبرير هذا المنع لو أن ما يطالب به المعلمون هو زيادة في رواتبهم، أو لو أن منع المعلمين حقهم المادي أتى في إطار سياسة اقتصادية وطنية شاملة. العذر الوحيد الذي التمسه لأصحاب القرار هو عجزهم عن تصور الأثر التنموي العظيم الذي يحدثه التعليم على تطور الأمم وازدهارها. ليت أصحاب قرارنا المالي يعلمون أن المعلمين هم القوة الضاربة في التعليم، ليتهم يعلمون أنه لا يوجد إطلاقاً من يؤدي عملاً بمثل حساسية وأهمية عمل المعلم. القضية هنا أكبر من أن فئة من الناس حرمت حقها النظامي، القضية - ودون أية مبالغة- تمس صميم قوة وهيبة هذا الكيان، إن قوة الأمم، - يا أصحاب قرارنا الاقتصادي - تقاس اليوم بعدد العلماء والمفكرين والمبدعين والبحوث والمختبرات العلمية، لا بعدد الجنود والدبابات الرابضة على الحدود. ما الفائدة من صرف مليارات على مشروعات تطويرية تعليمية بدون معلم متمكن تحقق له الحد الأدنى من ظروف العمل المناسبة. خذوا العبرة من كوريا واليابان وفنلندا، أو حافظوا على الطبقة الوسطى (المعلمون) على الأقل.