لقد كان من دواعي سروري أن أترجم كتاب الخبير الدولي في علم اللغة القضائي جون أولسون John Olsson لصالح مركز الترجمة بجامعة الملك سعود بالرياض، والمعنون Forensic Linguistics: Introduction Language, Crime, and Law، وترجمته العربية (علم اللغة القضائي: مقدمة في اللغة والجريمة والقانون). يعتبر هذا العلم بحق من العلوم الحديثة التي تدخل ضمن تطبيقات علم اللغة الحديث، ولا يوجد ما يقابله في اللغة العربية- بحسب علمي المحدود.
يهدف هذا العلم الحديث نسبيا إلى تحليل النصوص المكتوبة والمنطوقة بطريقة علمية، وتوظيف النتائج لخدمة المحكمة ورجال القانون في التوصل لأدلة تساعد على حل القضايا التي تكون اللغة جزءاً من أدلتها. لا يتجاوز العمر الزمني لهذا العلم خمس عشرة سنة، وهو ما زال في بداياته، ولم يصل بعد للنضج مما يجعله مجالاً خصباً لمزيد من الإضافات والتنقيح.
خلال ترجمة هذا الكتاب التي استمرت لسنة تقريباً تواردت علي بعض المصطلحات الجديدة، والتي كان أهمها على الإطلاق مصطلح أسميته (اللسانيات الإرهابية) Terrolinguistics، وهي تسمية تحمل مظاهر علم جديد لم يتطرق إليه أحد في الغرب -مصدر مفهوم الإرهاب- بشهادة زميلي الخبير الدولي جون أولسون.
ولكن، ماذا أقصد بهذا المصطلح الجديد؟، وما مدى قابليته لأن يكون علماً جديداً؟، يتفق العلماء على أن أي علم يتكون من عنصرين أساسيين، وهما: الماهية (التعريف) والمحتوى (مما يتكون؟). لذا أرى أنه من الضروري أن أوضح للقارئ ماهية ومحتوى هذا العلم الجديد. أقصد باللسانيات الإرهابية (هذا التعريف إجرائي مؤقت) (الدراسة العلمية للنصوص المكتوبة والمنطوقة من قبل عناصر إرهابية أو إجرامية بقصد التعرف على مصدرها الحقيقي، وما تحمله من إشارات ورموز وإيحاءات (لغوية) لعناصر الخلايا الإرهابية النائمة أو المنظمات الإجرامية).
أما محتوى (موضوعات) هذا العلم الجديد فتتمثل في جانبين: النصوص المدونة كتابياً والنصوص المسجلة صوتياً أو مرئياً.
مع مطلع القرن الحادي والعشرين الميلادي، أصبحت اللغة تلعب دوراً مختلفاً بشكل كبير عن الدور التقليدي الذي عرفت به، وهو تحقيق التواصل بين البشر ونقل وحفظ المعرفة الإنسانية. لقد أصبحت اللغة أحد أهم الوسائل التي تستخدمها الجماعات الإرهابية لتوصيل رسائلها لأفرادها في مناطق مختلفة من العالم، ولنشر الرعب وأنواع شتى من التهديد والوعيد. ومن أشهر الأمثلة على النصوص المكتوبة التي تحمل إشارات إرهابية ما يعرف باسم (الجمرة الخبيثة) The Anthrax، والتي انتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في مدينة نيويورك. ظن عدد من المعلقين آنذاك أن هجوم الجمرة الخبيثة شكل جزءاً من هجوم القاعدة المزعوم على أمريكا، ومن بين الأسئلة الأولية المطروحة- فيما يتعلق بالظروف البريدية ومحتواها المكتوب- كان ما إذا الكاتب (ا) متحدثاً أصلياً باللغة الإنجليزية أو بلغة ما تستخدم فيها الحروف الرومانية- من الممكن اللغة الإنجليزية-، أو (ب) متحدثاً بإحدى اللغات التي تستخدم نظام الكتابة العربي - قائمة تشتمل على اللغة العربية، الفارسية، الأوردو، والبنجابية المستعملة في باكستان. بالطبع، جزء أساسي من السؤال يتعلق بدور الأدلة اللغوية في تحقيق كهذا. اتخذ قرار بأن يتم محاولة الإجابة عن هذا السؤال بالرجوع إلى الظرف البريدي والنص المرسلين لرئيس مجلس الشيوخ الأمريكي، سيناتور داشل Senator Daschle. المهمة الأولى كانت فحص أسلوب الطباعة Style of printing. ربما نميل للاعتقاد إلى أن اللغة الأولي هي اللغة العربية بسبب سهولة أسلوب الطباعة، يعني حروف كبيرة مستديرة منحدرة نزولاً. ربما يمكن تصور ذلك على أنه نص لمتحدث عربي ليس لديه خبرة كثيرة في اللغة الإنجليزية ولهذا السبب يحتاج للطباعة بدلا من الكتابة بحروف متصلة. ومع ذلك، الطباعة بعيدة عن الانتظام في الأسلوب. فهي تظهر مزيجاً من الحروف الكبيرة والصغيرة وحقاً، بعض الحروف تقريبا صغيرة في الشكل مثل حروفo في School. ربما يشير هذا المزيج من الحروف الكبيرة والصغيرة إلى أن أسلوب الكتابة الصحيح لهذا الكاتب يمكن أن يكون أسلوباً متصلاً ملائماً بحيث تستخدم الحروف الصغيرة والكبيرة. يمكن أن يشير هذا إلى أن الكاتب على الأغلب متحدث أصلي باللغة الإنجليزية، أو قد تلقى تعليماً جيداً في اللغة الإنجليزية، وهو ببساطة يطبع لكي يخفي خط يده أو يدها أو لخلق الانطباع بأن الخط لطفل (لذلك يتعلق النص بالصف الرابع كما هو في الجزء العلوي الأيسر من الظرف المرسل والمحتوي على الجمرة الخبيثة). من ناحية ثانية، يوجد عامل آخر قد يسهم في اعتقادنا أن الكاتب ليس متحدثا أصليا للغة الإنجليزية وهذا بسبب الميل العام الواضح للكتابة لليمين. لكون اللغة العربية تكتب من اليمين لليسار، ربما يعتقد أن الكاتب يواجه صعوبات في التكيف مع اتجاه الكتابة من اليسار لليمين، وهكذا مؤدياً بالخط إلى أن يحيد للأسفل نحو اليمين. ولكن، لا يبدو ميل زاوية الخط أنه بسبب صعوبة الكتابة من اليسار لليمين بدلا من اليمين لليسار، ولكن لها علاقة بأسلوب الكاتب الفطري. إذا وجد مثال على إنتاج الكاتب الأصلي (بالحروف الرومانية)، سيبدو تقريبا حتماً أنه سيكون هناك في الواقع انحدار للمخطوطة ولليمين بطريقة ما.
عرضياً، ربما يكون عنوان المرسل الخاطئ دليلا على خداع الكاتب الكامل، يعني أن يستخدم دليل نص الظرف البريدي للتمويه. يشير هذا إلى أن أسلوب خط اليد هو أيضا مستعمل للتمويه، أعني نصياً بعبارة أخرى يبدو تأكيداً على كون أسلوب الكتابة- الطباعة مموهاً للخداع بدلاً أن يكون طبيعياً. الإشارة الأخرى لإمكانية كون الكاتب عربياً هي الاستخدام الأقل الواضح لعلامات الترقيم. لاحظ محللون آخرون مثل جوناثان تشارتيرز بلاك Jonathan Charteris Black أن المتحدثين العرب (من بين آخرين) باللغة الإنجليزية يميلون إلى التقليل من استخدام علامات الترقيم في اللغة الإنجليزية. ومع ذلك، لا يحتوي الظرف البريدي المرسل لداشل على مناسبات عديدة لعلامات الترقيم، سوى، على سبيل المثال،N.J. و D.C ويبدو أنهما مزودان بعلامات الترقيم كاختصارات، على أية حال. يعني هذا أنه في الواقع لا يوجد أساس للاعتقاد في أن هذا الكاتب أما أن يكون من أصول عربية أو من لغة تستخدم الخط العربي مثل الفارسية، والأوردو، والبنجابية الباكستانية، إلخ. محتويات الظرف البريدي مشوقة، خصوصا الطريقة المستخدمة لكتابة التاريخ: الشهر+ اليوم+ السنة. هذه هي الطريقة الأمريكية القياسية لكتابة التاريخ. البريطانيون، على سبيل المثال، يستخدمون صيغة: اليوم+الشهر+السنة، بينما يستخدم الصينيون صيغة: السنة + الشهر + اليوم. آخرون غالبا يستخدمون صيغة: السنة+ اليوم+ الشهر. ولكن، تستخدم معظم البلدان العربية نفس الصيغة المتبعة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفقا لموقع www.dawn.com، يمكن قراءة النص الكامل للرسالة الأتي: 09-11-01 .لا يمكنك منعنا . لدينا هذه الجمرة الخبيثة.
ستموت الآن. هل أنت خائف؟ الموت لأمريكا.الموت لإسرائيل.الله أكبر. 09-11-01 .
You cannot stop us. We have this anthrax. You die now. Are you afraid? Death to america. Death to Israel. Allah is Great
هذا مشابه جدا للرسالة التي استلمها توم بروكاو Tom Brokaw، وتقرأ: 09-11-01 . هذا قادم. تناول عقار البنسلين الآن.
الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل. الله أكبر. 09-11- 01 .
This next. Take penacilin now Death to America. Death to Israel. Allah great.
لاحظ الإيجاز في الأسلوب.
استخدام اللغة بهذا الأسلوب المختصر والدقيق هو أبعد ما يكون من السهولة لمتعلم اللغة الإنجليزية. علاوة على ذلك، ربما تكون هذه إشارة على شخص ما لديه تعليم جيد -وعلى نحو متناقض- شخص ما متعود على الكتابة كثيراً. ربما تكون سوء تهجئة penacili والأسلوب شبه الرطن (أنت تموت الآن) You die nowفقط لصرف النظر عن المسألة الحقيقية ولذلك يجب تجاهلها.
ما سبق من تحليل هو لجون أولسون، وفيه تطبيق علمي وعملي على كيفية تحليل النصوص الإرهابية المدونة كتابياً للوصول إلى نتائج تخدم البشرية في صراعها ضد الجماعات الإرهابية والجرائم المنظمة. يمثل منهج أولسون -بالنسبة لي- المدخل العلمي لعلم اللسانيات الإرهابية المقترح، وقد أثبت فاعليتها عند تطبيقها على نصوص مشابهة.
ومن جانب أخر، استحوذت النصوص المسجلة صوتياً أو مرئياً على اهتمام العالم بأسره، والصادرة من جماعات يطلق عليها (جماعات إرهابية) في أماكن شتى من العالم. وأشهر هذه التسجيلات هي تلك المنسوبة لابن لادن والظواهري والزرقاوي وقائد فتح الإسلام. من الأسئلة التي تكررت بعد ظهور هذه التسجيلات: هل الصوت الموجود في التسجيل هو حقاً صوت حقيقي للشخص الموجود في التسجيل (مثلاً: ابن لادن، الظواهري، الزرقاوي)؟ كيف يمكن إثبات ذلك؟ ما الرموز أو الشفرات اللغوية الاتصالية التي تحملها هذه التسجيلات الإرهابية بالنسبة للجماعات المرتبطة بالشخصية الموجودة في التسجيل؟ مما لاشك فيه أن مهمة تحديد هوية الأشخاص على أساس عينات اللغة المسجلة المنطوقة تعتبر أكثر نجاحاً من تحديد هوية الأفراد من خلال اللغة المكتوبة، ربما بسبب أنه يعتمد على تمييز الصوت الإنساني، بينما تعتمد مهمة تحديد مفهوم هوية النص المكتوب على مفهوم لغة الفرد Idiolect، وهو مفهوم من الصعب جداً إقامة البرهان عليه بواسطة تمييز الصوت. وعلى الرغم من التقدم الكبير في مجال تحديد هوية الصوت بفضل تطور تقنيات بعض العلوم مثل علم الصوتيات Phonetics وعلم الصوتيات القضائي Forensic Phonetics، إلا أنه لا توجد حتى الآن طريقة اكتشفت بنجاح تميز الأصوات البشرية عن بعضها البعض في كل قضية.
تعتمد بعض الطرق على التحديد الانطباعي Impressionistic Identification - انطباعات المحلل نفسه، بينما تعتمد طرق أخرى على التحديد الآلي Instrumental Identification- استخدام أنواع متعددة من الآلات الميكانيكية والحاسوبية. على كل حال، يوجد الآن قبول واسع بأن أفضل النتائج يمكن اكتسابها من خلال دمج قوة وتحمل أجهزة الحاسوب من تقدير المتخصصين.
ويندرج تحت مسمى هذا العلم نصوص أخرى مثل رسائل التهديد والانتحار والخطف والتسجيلات المحرضة والمكالمات الخبيثة وإفادات الشهود والمتهمين، إلخ. وتعتبر هذه القضايا شائكة وتتطلب علماً مستقلاً يتناولها بالدراسة والتحليل، وهو ما دعاني إلى ابتكار علم اللسانيات الإرهابية.
أعتقد أن العلوم الحالية كعلم اللغة القضائي وعلم تحليل النصوص (الخطاب) Discourse Analysis لديهما ما يكفيهما من الموضوعات. فدراسة النصوص الإرهابية ضمن هذه العلوم يقلل من فرصة حصولها على قدر كبير من الدراسة والتحليل، وبالتالي يضعف الثقة بالنتائج التي يتم التوصل إليها.
ما الذي يحتاجه هذا العلم المقترح لأن يكون علماً قائماً بذاته؟ بعد تحديد ماهية ومحتوى هذا العلم، فإنه لابد من وجود متن أو مادة Corpus، يتم من خلالها التحليل العلمي المنظم، ومنها تصاغ الفرضيات والنظريات للوصول لنتائج علمية مثبتة تقبل التكرار والقياس. يقتضي هذا إنشاء قاعدة بيانات Database تتبناها مؤسسات أمنية وعلمية دولية أو -مبدئياً- مجموعة من الباحثين المدعومين، وتشتمل قاعدة البيانات هذه على كافة النصوص المكتوبة والملفوظة المرتبطة بالإرهاب والجرائم المنظمة لتكون مرجعاً للباحثين والدارسين لتحليل هذه النصوص كل بحسب اللغة التي صدرت عنها هذه النصوص. أعتقد أن هذا الاتجاه سوف يساعد على بلورة مفاهيم جديدة وصياغة فرضيات ونظريات تكون منطلقاً للعاملين في مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة التي تكون اللغة طرفاً فيها.
ويعتبر العالم العربي- من وجهة نظري الشخصية- أرضاً خصبة لهذا العلم وتطبيقاته المقترحة. فاللغة العربية تتميز بتعدد اللهجات وتنوع المفردات العامية على مستوى العالم العربي، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى صعوبة تحديد مصدر النص المكتوب أو المنطوق نظراً لإمكانية تبني هذه اللهجات والمفردات من أشخاص ربما لا ينتمون للبيئات الأصلية التي نشأت فيها. في الواقع هذا يزيد من صعوبة مهمة مكافحي الإرهاب والجرائم المنظمة في العالم العربي، ويجعلها شبه مستحيلة في حال عدم وجود علم مستقل-مثل هذا العلم المقترح هنا- يهتم بدراسة هذه النصوص لغوياً وأسلوبياً لإيجاد أرضية صلبة ينطلق منها مكافحو الإرهاب والجرائم المنظمة. و نحن -في العالم العربي- أحق من غيرنا بتبني هذا العلم وتطويره ليساعدنا عل نبذ تهمة الإرهاب البغيضة التي
تحاول بعض الأبواق إلصاقها بنا كسمة أيدولوجية نابعة من معتقداتنا الدينية والثقافية. إن نتائج الدراسات والبحوث التي تهتم بهذه النصوص والأساليب صادرة من مؤسسات أجنبية، وركزت على اللغة الإنجليزية، وهو ما يعني أن هذه النتائج -من الناحية التطبيقية- ربما تكون عديمة الفائدة نظراً للاختلاف الشاسع بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية في البنية اللغوية والأسلوبية. ولكن، من الناحية النظرية -على الأقل- تعتبر هذه الدراسات والأبحاث مفيدة للباحثين العرب لتطبيق مبادئها على النصوص الإرهابية المكتوبة أو الملفوظة من قبل أشخاص يتحدثون اللغة العربية. ومن الأسئلة البحثية القابلة للتطبيق العلمي في هذا العلم المقترح: هل النص (الإرهابي) مكتوب بلهجة عربية معينة؟ هل هذه اللهجة المكتوبة أو الملفوظة صادرة من شخص متعلم أم من شخص غير متعلم بشكل جيد؟ هل الأسلوب الذي تبناه الكاتب أو المتكلم مصطنع أم حقيقي؟ هل يحمل النص المكتوب أو الملفوظ بصمات جماعة مصنفة على أنها إرهابية؟ ما هي العناصر اللغوية والأسلوبية الموجودة في النص التي تشير إلى أنه من تلك الجماعة وليس من غيرها؟ هل كاتب النص حقاً من المتحدثين العرب الأصليين باللغة العربية أم أنه غير ذلك؟ وكغيره من العلوم المتفرعة من علم اللغة الحديث (و ما أكثرها!)، يعتمد هذا العلم المقترح على علوم أخرى في تكوينه ونموه ليعطي النتائج المرجوة. من بين هذه العلوم التي لا غنى لعلم اللسانيات الإرهابية عنها: علم الصوتيات، علم تحليل النصوص (الخطاب)، علم الرموز الاتصالية Pragmatics، علم اللغويات الحاسوبية Computational Linguistics، علم الإحصاء Statistics، علم النفس Psychology، علم الجريمة Criminology، علم اللغة القضائي، علم الأدلة الجنائية Criminal Evidence Science، إلخ. على سبيل المثال، لتحديد هوية الصوت في تسجيل إرهابي أو إجرامي لابد من الاستعانة بتقنيات علم الصوتيات، وأبرزها ما يعرف بعلم الصور الطيفية Spectrogrphy، وذلك للمساعدة في تحديد هوية الصوت من خلال تصوير الكلام طيفياً. و لتحديد مصدر النص الإرهابي المكتوب نحتاج إلى تبني مفاهيم علمية في علم تحليل النصوص (الخطاب)، ومنها المبادئ التي اشتملت عليها نظرية غرايس Grice فيما يتعلق بالفعل الكلامي Speech Act.
ولكن من هم المستفيدون من هذا العلم المقترح؟ أعتقد أن هناك فئات عديدة يمكن أن تجد في هذا العلم الجديد مساعدة عملية وعلمية للتعرف على الجانب اللغوي للجماعات الإرهابية والإجرامية، ومنها: الوكالات الأمنية في العالم المعنية بمكافحة الإرهاب والعمليات الإجرامية المنظمة، رجال القانون الذين ربما يجدون في هذا العلم نافذة تساعدهم على تأكيد أو نفي تهم الإرهاب والجرائم المنظمة عن المدعى عليهم، ضباط الأمن، والمحققون في جرائم الإرهاب والتهديد والابتزاز والانتحار، والتي تكون اللغة أحد الأدلة الملموسة فيها على جرم المتهم بالإرهاب. تحتاج مؤسساتنا الأمنية في العالم العربي والمعنية بمحاربة الجماعات الإرهابية والجرائم المنظمة التي تكون اللغة أحد وسائلها إلى وجود كوادر أمنية مدربة ومؤهلة على نحو كبير للتعامل مع هذه الأدلة اللغوية. كذلك تحتاج هذه الجهات إلى الاستعانة بخبراء من مجالات لغوية معينة، خصوصاً علم الصوتيات وعلم تحليل النصوص (الخطاب).
وختاماً أشكر زميلي جون أولسون على تبنى هذه التسمية الجديدة، ومشاركتي في تطوير كتاب يحمل مصطلح اللسانيات الإرهابية، ليكون بذلك الكتاب الأول من نوعه الذي يربط بطريقة علمية منظمة بين الإرهاب واللسانيات الحديثة. أرجو أن يرى هذا العلم النور في المستقبل القريب ليساهم في صياغة فكر جديد يخدم البشرية في التعرف على مصادر الإرهاب والجرائم المنظمة التي تكون اللغة طرفا فيها. كذلك أدعو الباحثين وطلاب الدراسات العليا في التخصصات اللغوية والأمنية إلى الاهتمام بهذا الموضوع ودراسته دراسة علمية. كما أرحب بالمداخلات العلمية في هذا المجال من خلال مراسلتي على بريدي الإلكتروني أدناه.
أستاذ اللسانيات النفسية والتطبيقية المساعد
Mohammed@alhuqbani.com