Al Jazirah NewsPaper Friday  07/03/2008 G Issue 12944
الجمعة 29 صفر 1429   العدد  12944
نوازع
موسم الثقافة
د. محمد بن عبدالرحمن البشر

في كل عام يطل علينا موسم للثقافة يقوده خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله-، موسم يحن إليه مريدوه حنان قيس لليلى، وابن زيدون لولادة، ويتفننون من خلاله أفكارهم بشتى مشاربها ما يروق لهم، فقد أضحى لهم من المتسع ما يمكنهم من خلاله الحديث عما يجول بخواطرهم من أفكار بعضها صواب وبعضها الآخر قد يكون مجانباً له من وجهات نظر متباينة بتباين خلفية وتوجهات المتلقي، وسيكون الزاد الثقافي متوفراً لمن أراد الاستزادة، والتوسع في ميادين يراها كل منا تتناسب مع مجاله أو توجهه الفكري. والناس تختلف في نظرتها لجدوى الأطروحات الفلسفية، والتجمعات الفكرية والثقافية، ومدى قدرتها على نقل المجتمع من وضع إلى آخر أو من مرحلة إلى أخرى من حيث البناء الاجتماعي، والتقدم الاقتصادي، وعلينا أن نكون منصفين في القول بأن الثقافة تنوير، النهج سليم، والفائدة قائمة، ومثل هذه التجمعات غالباً ما تكون معول بناء لا معول هدم. وأن مثلها لا يخلو من فائدة.

وقد كثرت المهرجانات الثقافية العربية غير أن أبرزها مهرجان الجنادرية بسبب استمراريته مدة طويلة، ومعرفة الناس بجدواه، وأهمية ما يطرح خلاله من موضوعات، وشموليته للعديد من أوجه التراث، ومساحة الحرية الفكرية التي يسمح بها المهرجان دون ابتذال، وكذا تنوع المحاضرين واختلاف مشاربهم ولم لا والقائل يقول (إن اللسان على الفؤاد دليل).

وسيحضر مهرجان الجنادرية هذا العام نحو ثلاثمائة مشارك من الداخل والخارج، ومن الجديد في مهرجان هذا العام مشاركة دولة إسلامية شقيقة هي تركيا تقاسمنا مع عالمنا العربي الكثير من المفاهيم الثقافية، بل وتمازجت الثقافتين مع بعضهما، وكان الأثر يانعاً حتى عصرنا الحاضر ويبقى شاهداً على ذلك ما استقبلته الأرض التركية من مخطوطات عربية حفظت لأمتنا بعضاً من تراثها، وما حواه معجمها من مفردات لغوية ذات صلة كبيرة، باللغة العربية، وفوق ذلك كله ما يربط الأمتين من أواصر الإخاء تحت مظلة الإسلام، فالإسلام للأمتين منهج حياة، ومعين ثقافة، وخير دليل، وقاعدة لنشر السلام في العالم والدفاع عن الحقوق ومحاربة الإرهاب، والأفكار التي تقود إلى التطرف على المستوى الأممي. سيقول البعض ما يريد أن يقوله، ثم قد يقيم قوله فيما بعد، ويقدر مدى قبوله عند الآخرين فإن رأى فيما قال خللاً تراجع إن كان منصفاً لنفسه، أو استمر إن كان مكابراً، ولذا فهذا المهرجان محطة تقويم للذات، ومجال لإعادة التفكير وتصحيح الأخطاء لدى الأدباء إضافة إلى كونه منهل ثقافة للمتلقي والتجمعات الفكرية قديمة قدم التاريخ لدى العرب وغيرهم من الأمم، وقد أورثت لنا الكثير من المفاهيم والفلسفات التي أضافت لبنات لحضارة إنسانية واحدة ووفود الشعراء يدلجون إليه، وكذا كان مجلس سيف الدولة الذي يجمع أبا الطيب وابن خيلويه، وغيره من مشاهير الأدب والعلم وفي الأندلس كانت مجالس ولادة بيت المستكفي والمعتمد بن عباد منارة أدب ظلت قطوفها يانعة حتى عصرنا الحاضر وكان السجال الثقافي والتبارز محتدماً بين الأدباء والشعراء فأصبح النتاج عظيماً في ظل حكم المعتمد ابن عباد المحب للأدب والعلم والثقافة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6227 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد