بينما كانت أنظار أغلب سكان الجزيرة العربية وبعض الدول العربية المجاورة مشدودة إلى شاشة التلفاز وهي تتابع حدثاً طغى على كل الأحداث ألا وهو مسابقة شاعر المليون كانت عيناي أيضاً تتابعان الحدث باعتبار أن الشعر هو من أهم اهتماماتي في الحياة ولكن قلبي كان حينها ينبض في (يد) الدكتور الصديق محمد بلغيث البارقي، وهذا لا يعني قطعاً أنني لا سمح الله قد أصبت بخلل في القلب وما أكثر أمراض القلب هذه الأيام، ولكن قلبي وعقلي كانا مشدودين إلى حدث عالمي كبير على عكس انشداد عينيّ، وأعني بذلك الحدث العظيم هو النقل الحي لعمليتي قسطرة قلبية معقدة من مدينة تولوس الفرنسية إلى قاعة الملك فيصل بمدينة الرياض، حيث كان يحتشد حينها أمهر أطباء القلب في العالم في تلك القاعة على وجه التحديد. وبالطبع كان الذي رتب ونسق وناقش وعقب على هذا الحدث التاريخي الهائل هو الدكتور السعودي الشهير والذي يُعتبر من أمهر أطباء القلب في المنطقة ونعني بذلك الدكتور محمد بلغيث البارقي استشاري أمراض القلب والقسطرة ورئيس قسم قسطرة القلب بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني، وكان على الجانب الآخر -أي الفرنسي- البروفيسور جون ماركو والبروفيسور جون فاجيديت، وقد ترأس الدكتور البارقي لجنة النقاش السعودي والتي ضمت نخبة من أطباء القلب السعوديين مثل الدكتور محمد عرفة، الدكتور ليث ميميش، الدكتور شكري السيف، الدكتور عبدالله عسيري، الدكتور منور العنزي، وكان هذا اللقاء التاريخي الطبي على الهواء مباشرة وقد ناقش أطباؤنا الأفذاذ زملاءهم الأوروبيين في ذلك التخصص الدقيق والذين أعربوا بدورهم عن فخرهم بمستوى الطب والإمكانات العالية للطبيب السعودي.
ومحمد بلغيث البارقي - احفظوا الاسم جيداً - هو شاب سعودي من جنوبنا الغالي، انحدر في صباه من جبال محايل عسير ممتلئاً بالتفاؤل والأمل ومضمخ القلب بعبير (الكادي) وهو يحلم بخدمة البشرية بعلم يُنقذ قلب الإنسان من أوجاعه المحتدمة التي تعصف فيه نتيجة ما يعانيه من مآس عالمية تغمّ القلب، لذلك طرق البارقي الباب الشاسع لجامعة الملك عبدالعزيز ليدرس الطب في أواخر الثمانينات الميلادية.
ليترك مجد الإمارة الذي تعتز به عائلته الكريمة في منطقة نشأته (بارق) ثم التحق بالحرس الوطني كطبيب مقيم إبان أزمة احتلال الكويت لينطلق بعدها لمواصلة العمل ويحصل على (البورد) الكندي في أمراض الباطنية ثم البورد الكندي لأمراض القلب ثم البورد الأمريكي لنفس التخصص، ثم عمل مستشاراً لأمراض القلب في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية منذ 2000م حتى يومنا هذا وله إسهامات ودراسات في المؤتمرات الطبية العالمية التي يشارك فيها أمهر أطباء الكون.
* * *
والدكتور محمد البارقي على الصعيد الشخصي من أكثر الناس تهذيباً ورقة وتواضعاً وحباً للوطن، ويكفي أي مريض في القلب أن يطالع ابتسامته المشرقة ليشرق قلبه بالأمل والحياة. تحية للصديق البارقي وكثّر الله من أمثاله من مبدعي هذا الوطن العزيز.