في أعقاب موافقة مجلس الوزراء الموقر على وضع تنظيمات آلية دقيقة لرصد المخالفات المرورية من خلال استخدام كاميرات الرصد وذلك على غرار ما هو مطبق في العديد من الدول المتحضرة، قامت وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للمرور وبمشاركة الجهات ذات العلاقة بدراسة الموضوع دراسة متكاملة من كافة أبعاده المرورية والاقتصادية والأمنية، وقد تمخض عن ذلك قيام الوزارة بإبرام ثلاث عقود مع شركات عالمية بهدف رصد وضبط المخالفات المرورية في بعض المناطق آلياً من خلال عقود البناء والتشغيل (BOT).
وإذا كان استخدام الكاميرات سيسهم في الحد من المخالفات المرورية ومن ثم الحد من أعداد الحوادث المرورية والتي يذهب ضحيتها سنوياً ما يزيد على الخمسة آلاف قتيل، إضافة إلى عشرات الألوف من المعاقين والمصابين من جراء تلك الحوادث المرورية، فإن إقرار تنفيذ مشروع استخدام الكاميرات من قبل تلك الشركات العالمية وبمشاركة شركات استثمارية وطنية إنما يأتي انطلاقاً من سياسة الدولة الداعم لتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية الخاصة في عملية تطوير خدمات البنية التحتية، كما يمثل ذلك توسعاً في طرح الفرص الاستثمارية المجدية اقتصادياً أمام المؤسسات والشركات الوطنية.
والإدارة العامة للمرور سبق أن قامت بتطبيق التجربة في مدينة الرياض حيث تم تركيب عدد من الكاميرات الخاصة بمراقبة السرعة وتجاوز الإشارات المرورية التي تتميز بتقنية عالية وقدرة متناهية في رصد المخالفات المرورية، وقد سبق أن أكد مدير إدارة مرور الرياض العقيد عبدالرحمن المقبل، على النجاح منقطع النظير الذي تحقق من تركيب تلك الكاميرات في عدد من الطرق والتقاطعات المرورية بمدينة الرياض، وقد أوضح بأن تطبيق تلك الكاميرات قد أسهم وبشكل ملحوظ في التقيد بالسرعة وعدم تجاوز الإشارة المرورية في المواقع التي تم تركيب كاميرات بها، كما أسهم ذلك من خلال الانخفاض الملحوظ في تسجيل المخالفات المرورية في تلك المواقع.
إضافة لذلك فقد أثبتت الدراسات بأن تطبيق تلك الكاميرات يسهم بشكل كبير في تحقيق وفر اقتصادي وذلك من خلال الحد من كلفة الإنفاق، وفي ذلك يوضح مدير مرور الرياض بأن استخدام تلك الكاميرات على طرق معينة بالعاصمة قد أسهم في توفير عمل اثنين وعشرين دورية مرورية كانت تعمل في تلك الطرق والمواقع التي تم تركيب الكاميرات بها، وما من شك فإن التوسع في تعميم مشروع رصد المخالفات المرورية من خلال الكاميرات في عدد من مناطق المملكة سيؤدي إلى تحقيق دخل مالي كبير لخزانة الدولة وذلك بعد اقتطاع أجور وأرباح الشركات المشغلة للمشروع.
ومن أجل تحقيق نجاح متكامل مع البدء في تطبيق مشروع رصد المخالفات المرورية عن طريق الكاميرات، فإن من الأهمية أن تقوم الإدارة العامة للمرور بحملات توعية مكثفة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، إضافة إلى أهمية تدريب وتأهيل كافة العاملين بالمشروع سواء من منسوبي المرور أو منسوبي الشركات المشغلة مع أهمية قيام الإدارة العامة للمرور بمراقبة أداء الشركات المشغلة، كذلك من الأهمية أن يتم الاستعجال في إبلاغ المخالف بمخالفته بمجرد تسجيل تلك المخالفة عن طريق الكاميرات، مع أهمية إتاحة الفرصة للمخالف بالاعتراض على المخالفة المحررة عليه.
ختاماً طالما أن التجربة قد أثبتت نجاحاً منقطع النظير في الحد من الفوضى المرورية والتي خلفت عدداً كبيراً من الضحايا، إضافة إلى تحقيق الفوائد الاقتصادية المجدية من خلال الدخول المالية الكبيرة والخفض في استخدام القوى البشرية من جراء استخدام الكاميرات، فإن ذلك سيدفعنا إلى المطالبة بالمسارعة في تعميم تركيب تلك الكاميرات في كافة مناطق ومحافظات المملكة.
Dralsaleh@yahoo.com