جاء في تصريح منسوب إلى الشيخ (إبراهيم الغيث)، الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - نشر قبل مواجهة ما يسمى بعيد الحب بيوم - أن رئاسة الهيئات، قد (أعدت خططاً متكاملة لفروعها ومراكزها في مناطق المملكة، لمراقبة المواقع التي تبيع الورود والشموع والأغراض والمستلزمات، التي يقبل .....
.....البعض على شرائها، للاحتفال بما يسمى عيد الحب - فالنتاين -). وجاء في السياق نفسه، أن رجال الحسبة في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عموم المملكة، أعدوا (وقتذاك)، دوريات بين (راجلة وراكبة)، لمراقبة محلات بيع الورود والهدايا والمواقع التي تبيع مستلزمات ما يسمى بعيد الحب، ومراقبتها ورصد مخالفاتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة حيال (المتورطين) في ذلك.
* أود بداية أن أهنئ الشيخ الغيث، وقادة هذه الدوريات الراكبة والراجلة، على ما تحقق لهم ولها في اليوم الرابع عشر من فبراير، فقد اختفى اللون الأحمر، ليس من محلات بيع الورود والزهور والهدايا فقط، ولكن من المشهد الاجتماعي العام، الذي لا بد أنه قد ربط بين هذا اللون المثير المستفز، وبين وثنية القديس (فالنتاين)، وعيده الذي سمي عيد الحب، وقد أصبح فيما بعد، يعادي الحب، ويقتل الفرحة على شفاه المحبين والمتهادين.
* على المستوى الفردي والجمعي أيضاً، ظهر الخوف من تهمة اللون الأحمر ورمزية الحب في كافة أطيافه، والاحتراز من تبعات هذه التهمة الكبيرة، التي قد تقود إلى (جمس) الهيئة، فأخذ بعض الناس - وكنت واحداً من هذا البعض المتحرز - يتفقد ألوان ملابسه، وسيارته، ومشتريات أهله وأطفاله، وحتى ألوان الأطعمة في يوم ما يسمى بعيد الحب، وما قد يقود إلى مصافحة أناس غُفل جُهل، متلبسين باللون الأحمر، لم تصلهم أشرطة الهيئات الدعوية، ولم يقرءوا نشراتها ومطوياتها التحذيرية، ولا اطلعوا على تصريحات مسؤولي الهيئات في الصحف، فيقع الواحد منهم في الممنوع والمحظور، وفيما لا تحمد عقباه، فلا عيد بعد ذلك ينفع، ولا يوم حب يدفع، ولا فالنتاين يشفع، في ساعة كرب من هذا النوع.
* أتفق مع ما قال به الشيخ (إبراهيم الغيث)، رئيس الهيئات في تصريحاته للصحف، تلك التي سبقت حملات الهيئات الكبيرة بيوم أو يومين، من كون (الاحتفال) بعيد (فالنتاين)، ظاهرة دخيلة وغريبة، وأن لا عيد للمسلمين غير عيدي الفطر والأضحى. هذه حقيقة، فلا الدولة دعت إلى الاحتفال بمثل هذا العيد، ولا أي عاقل أو مجنون في هذه البلاد، نصب السرادقات، وعلق الشمعات، وصدح بالأغنيات، واستقبل المهنئين والمهنئات، بعيد ثالث لا نعرفه بيننا ولا هو يعرفننا. الشيء الذي نعرفه جيداً، أن الألوان جميعها، ومنها اللون الأحمر المتهم عندنا، لا ناقة لها ولا جمل، في هذه القضية، وأن الورود كافة، ومنها الورود الحمراء المستهدفة في حملاتنا الراجلة والراكبة، معتدى عليها ومظلومة، منذ أيام (فالنتاين) الوردية، حتى أيام حربنا عليها، فكم من وردة حمراء وصفراء وبيضاء، قُطفت من غصنها الغض، وزويت في كيس من البلاستيك، ثم جفت وذبلت، فرميت تحت أرجل المارة، أو قُذف بها في آخر المطاف في أكياس الزبالة.
* لم تنشر الرئاسة العامة للهيئات حتى اللحظة، أي بيان عن نتائج حملاتها المكثفة على الورود، وكافة المستلزمات التي تقود أصحابها إلى شباك الحب.. أقصد ما يسمى بعيد الحب.. الذي صبغ الكرة الأرضية باللون الأحمر، وشغل الناس في كل مكان. كم وردة حمراء صودرت..؟ وكم هدية حمراء أعدمت..؟ وكم هو عدد أولئك المتورطين في بيع ورود الحب، وقلوب الحب، وهدايا الحب، في يوم مشبوه كهذا، الذين تعرضوا لمساءلات وعقوبات الهيئات..؟
* هذه حرب ضد لون أحمر، وورود حمر، وهدايا حمر، ويوم جعله بعضهم عيد حب، كسبناها بكل جدارة، ولا شك أن المتورطين فيها، قد لقوا الجزاء الذي يستحقون في مثل هذه المناسبة التعيسة، كل منهم على قدر جرمه، جزاءً لهم، وعقاباً لأمثالهم. لكن.. وآه من لكن هذه.. ماذا عن أولئك المتورطين في محظور أعظم من هذا الذي شغلنا به أنفسنا، واستنزفنا فيه قوانا، ووترنا فيه أعصابنا، ألا وهم المتورطين في صناعة وإنتاج الكره..؟!!
* المتخصصون في صناعة وإنتاج الكره، يعيشون بيننا، يأكلون الطعام، ويشربون الشراب، ويمشون في الأسواق، لا عد لهم ولا حصر، ولا يماري فيهم إلا جاهل أو مغرض، وليس لهم يوم حب، لأنهم ضد الحب، ولا يوم عيد معلوم، لأن يوم عيدهم، هو يوم ولادة كاره جديد، ولا يعترفون بنظرية الألوان، لأنهم فوق كل الألوان، ولكن لهم عمل دائب، ونشاط دائم، لا يرتبط بموسم أو عام أو شهر. كل يوم لهم صناعة وإنتاج، وفي كل يوم لهم ضحايا من صفوف الأبرياء، فهل نطمح أو نطمع - مجرد طمع - في حملات للهيئات، تماثل.. أو حتى تشابه.. حملاتها على محلات الورود والهدايا، وضبط ومحاسبة المتورطين في بيع الورد الأحمر، والقلب الأحمر، في يوم الحب المشبوه.؟!
* وأعتقد أن الأناشيد الجهادية الثورية، التي توزعها بعض محلات التسجيلات الإسلامية، والتي غطت على أناشيد نشرتها وزارة التربية والتعليم مؤخراً، لها من الخطورة كما لكل وردة حمراء في يوم عيد فالنتايني.
* وأعتقد أن كتب التكفيريين، التي تدس وتباع في التسجيلات الإسلامية، وهي تقرر الخروج على ولاة الأمر، وتجوز العمليات الانتحارية، خطرها أعظم من قلب أحمر على شكل دمية في محل في سوق.
* وأعتقد أن بعض أئمة المساجد، الذي ما زال يقنت ويدعو بالنصر للقاعدة في العراق وأفغانستان، خطرهم كبير.
* وأعتقد أن الشرائط الإلكترونية، التي تباع في عدة أمكنة، وهي تعرض الخطط الإستراتيجية للحرب على الرؤساء في الغرب وأميركا ومصر وغيرها، هي أشد خطراً من أي شيء آخر.
* أعتقد كذلك، أن الذين يستبيحون منابر الخطابة في مساجد وجوامع المملكة، وفي مراكز ومخيمات ترعاها مؤسسات رسمية دينية، ويتقصدون مواطنين وفئات وشرائح من بين نسيج هذا المجتمع المسلم، بالتخوين تارة، وبالتفسيق والتبديع تارة أخرى، هم أخطر مما نفكر فيه.
* أعتقد كذلك، أن الذين يئسوا من جمع التبرعات من أبواب المساجد وغيرها، واخترقوا رسائل ال(SMS)، ومواقع تسويق الوهم والزواجات الفضائية، هم خطر يجب أن يواجه أيضاً.
* أعتقد.. وأعتقد.. وأعتقد.. أن (كوميديا الكراهية السوداء)، تجدد ذاتها باستمرار، وتتناسل بيننا في وضح النهار، وأنها تقترف من الفواسق والمنكرات، ولا بد من الحملات الراجلة والراكبة لمواجهتها.
* أين حملات الهيئات من هذه الكوميديا السوداء..؟
* متى نرى دوريات الهيئات الراجلة والراكبة، وهي تقود الحرب على كافة المتورطين في صناعة وإنتاج الكراهية، في المنابر الخطابية، وفي التسجيلات الإسلامية، وفي المكتبات، وفي المواقع الإلكترونية وخلافها بعد أن نجحت مشكورة في الحد من ظاهرة ما يسمى بعيد الحب المشبوه.
assahm@maktoob.com