المرأة والرجل تتعطل فاعلية أحدهما بدون جزئه الآخر. ولقد خلق الله عز وجل من كل زوجين اثنين، وأظن أن في هذا معنا من التكامل في المسؤولية والوظيفة وفق التكوين الطبيعي والمقدرة بالنسبة للرجل والمرأة، فلا عمار للأرض في غياب أحدهما، فالمرأة ليست بالرجل والعكس هو الصحيح، ولكن تكامل الحياة رهن لكل الدورين بمسؤولية حتمية.
ومن أراد أن ينصف المعنى من هذا فليتذكر موسى عليه السلام، وعظمة ما كلف به كنبي ورسول. أَليست المرأة (والدته) من وضعه في اليم بمشيئة الله، والمرأة هي مريم بنت عمران وما شاء الله للنبي المرسل بالدين السماوي، والمرأة زوج خاتم الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم - السيدة خديجة - رضي الله عنها - والمواقف التي جادت بها، كذلك أم المؤمنين -رضي الله عنها- وما روته من الحديث النبوي تكامل للدين الحنيف، وكذلك حفصة - رضي الله عنها-، وأسماء بنت الصديق- رضي الله عنهما- وهي من تردد على غار حراء بمسؤولية الحدث، ولقد تميزت كأم بالفعل والقول المشهور: (لا يضر الشاه سلخاً بعد ذبحها)، وما قالت به أيضاً: (أما آن لهذا الفارس أن يترجل).
والقول بأبعاد الظرف عظيم ورائع، إنها المرأة عظيم دورها، كما هي الشفاء القرشية تشارك في بعض من غزوات رسول الحق - صلى الله عليه وسلم - تُمرِّضُ الجند وتواسيهم، وفي عهد الفاروق- رضي الله عنه - تشرف على البيع والشراء والميزان في السوق الرئيسي-، وعدل الفاروق من اختارها. والأدوار كثيرة التي تؤكد قيام المرأة بجانب الرجل متممة ومكملة لتنهض بمسؤولية الواجب وفق الأداء الأحسن، وفي مجال آخر تنافس الرجل فها هي مدام كوري، وبنت الشاطئ، وسهير القلماوي، ومي زيادة والكثير الكثير.
ومن خلال ما سبق لنتفق على تلك الحقائق وهي الكفيلة بالبيان، إنها أدوار وتكامل بلون محدد لا يأذن لنا بالإنكار أو أن يسيطر ما نود من حكم المزاج، فهما من كلف بعمار الأرض وفق تكوين تكاملي وإن اختلف وظيفياً، فالرجل جزء من المعادلة كما أن المرأة كذلك.
تلك المعادلة التي بها تتطور الحياة، ومن خلال الرصد في الوقت الحالي ندرك جهد التنافس الخلاق بين المرأة والرجل في مجالات عدة لتفوز المرأة بالسبق معظم الأحيان، ولهذا أسباب أودعها الخالق سبحانه في تكوينها، ولأنها تحمل وتلد، ولهذا انعكاسه على طبيعتها فالصبر والدقة والإتقان.
وعلى هذا الأساس يتعمق إدراكنا للوسائل التي بها تعمر الأرض فالمرأة ليست متطفلاً على الأرض، أو تابعة للرجل بل حاجة له ورفيقة الدرب وشريكة مسؤولية وواجب، ومن أراد لمداركه انعطافاً بالوهم والبعد عن الحقيقة قد يرى غير ذلك.
ومن يود ذلك يتجاوز ما يعتز به الأبناء، فالابن من الطبيعي أن يعتز بوالده ووالدته، وهذا لا يمثل مبرراً يغري الرجل ولكنه في نفس السياق وتأكيد لحقيقة، فرؤية الأب لا بد أن تنعكس على الأبناء، وقول يتناقض ورؤيته أشد وطأة على الأبناء، وفي انسجام الحق مع الحقيقة أمن وسلام، ومن ذلك أن لا تتجاوز المرأة الرجل بغير الثوابت التي هي حق للرجل ومصدر للسعادة بينهما، فالمرأة مصدر لقوة الرجل ومن خلال العطاء الملتزم تستقر الأمور اللازمة لهما وكذلك مسؤولية الواجب وفق مكانه وما يؤثر به.
فكل وعي يلتحم ويفسر الصحيح عائده مقترن بقانون السماء الذي حدد الأدوار ومكانة كل منهما، وفي هذا قيمة كبرى. والثمين من الأشياء لا يمكن الحفاظ عليه إلا من خلال الوعي به وإدراك أبعاده وكل تفاصيله ومسؤولية هذا على الرجل كما هي على المرأة.
والأداء الفعَّال يكمن في التقارب الفكري بين الرجل والمرأة إزاء الموضوع الواحد، فالخلل مؤكد حين يتباين الوعي والإدراك بينهما، وتميز الطريق بتضافر الجهد نحو المزيد من الوعي بالهدف وقوة الإرادة التي بها نتوجه نحوه.
والمحصلة أن الوعي وفهم الطبيعة الإنسانية والحقائق التي تُبنَى عليها أساس للحركة على الطريق السوي وبلوغ الهدف.