Al Jazirah NewsPaper Saturday  23/02/2008 G Issue 12931
السبت 16 صفر 1429   العدد  12931
أضواء
بوابات إضعاف العرب
جاسر عبدالعزيز الجاسر

البوابة الشرقية للمحيط العربي التي أصبحت ممراً للتغلغل الإيراني للوطن العربي من خلال تواطؤ غير معلن ولكنه مكشوف بين قوات الاحتلال الأمريكي وعملائه ممن عملوا في إيران وتدثروا بالعباءة الأمريكية بعد أن جندتهم المخابرات الأمريكية لإضعاف القوة العربية التي أضعفتها أولاً تخبطات بعض الأنظمة العربية التي أفسحت المجال للقوى الأجنبية بالتدخل في الشؤون العربية بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان، وتارة لمنع هذه الأنظمة من الحصول على أسلحة الدمار الشامل، ومرة ثالثة بزعم نشر الديمقراطية في ظل تسلط دكتاتورية بعض الأنظمة العربية وترهل النخب السياسية في الوطن العربي التي عجز مثقفوها في التصدي للتآكل الذي انتشر كالسوس في الجسم العربي، فأصبح هناك أكثر من بوابة يتسلل منه النفوذ الأجنبي، حتى أصبح واقعاً سلبياً يزيد الأزمات والمشاكل في الوطن العربي، ففي لبنان شرعت الأبواب وفتحت نوافذ أكثر من بوابة فالنفوذ الإيراني، والنفوذ الأمريكي، وكل منهما يجر خلفه وكلاء إقليميين ومحليين، أصبحا واقعاً لا يمكن إخفاؤه.

الإيرانيون يعملون ومن خلال وكلائهم في بعض الأقطار العربية ولم يقتصر الأمر على الأحزاب الطائفية والرموز السياسية التي وجدت في الأموال الإيرانية والخبرة في تشكيل المليشيات والتدريب على الأعمال القتالية فرصة في تعزيز نفوذهم السياسي والطائفي، بل وصل الأمر إلى توظيف أنظمة سياسية عربية بالعمل لخدمة المشروع الإيراني الذي يتركب من عدة مراحل، أولى مراحله مرحلة إشعال البيت العربي ناراً من أجل أن يسلم البيت الإيراني من أي أذى، وقد نجحت الخطة الإيرانية أيما نجاح فأصبحت الساحة العراقية وكذا الساحة اللبنانية وبمساعدة أنظمة عربية معروفة درعاً لحماية إيران في أي استهداف عسكري للنيل من النظام الحاكم.

وإيران ليس وحدها التي استطاعت اختراق البوابات العربية، فإثيوبيا وجدت في الساحة الصومالية بوابة للتسلل إلى المحيط العربي، وبدلاً من أن تكون الصومال نافذة حضارية لنشر القيم الثقافية والإسلامية في شرق إفريقية، أدى فساد نظام سياد بري وسقوطه إلى نشوء حالة من الفوضى تحولت لاقتتال وحروب أهلية أفسحت المجال للتدخل الصومالي والإريتري وقبل ذلك الأمريكي، ومثلما عكست البوابة الشرقية الإفريقية مسارات ودخلت ثقافة القتل العسكرية إلى الصومال وأوصدت أبوابها أمام نشر الثقافة العربية والقيم الإسلامية في إفريقية، فتحت البوابة الغربية الإفريقية متمثلة بأزمة دارفور التي شرعت كل أبواب التدخل الدولي والإقليمي لتجعل من هذه الأزمة خاصرة مؤلمة للعلاقات العربية الإفريقية لما تشكله من نزف دائم لهذه العلاقات التي تنحدر إلى السير نحو عداء لا يمكن إصلاحه بين العرب وإفريقية، مثلما كانت تهدد أزمة الجنوب السوداني التي وإن جمدتها اتفاقيات أنبوشا إلا أنها تشكل تهديداً دائماً ما لم يحسن الفرقاء السودانيون التعامل مع نصوص تلك الاتفاقية وتطبيقها بروح التعاون الصادق.

هذه البوابات التي تضعف الجسم العربي تنضم إلى البوابة الأكبر التي نحتاج إلى مسمى أكبر حتى يمكن للمصطلح أن يستوعب كل التدمير الذي أحدثه زرع الكيان الإسرائيلي في قلب الوطن العربي، حيث أفرزت هذه البوابة الظروف والتحولات التي صنعت كل هذه البوابات، فمن خلال رفع (راية تحرير فلسطين) جُلبت للوطن العربي كل المشاكل والمآسي من خلال الادعاء بالعمل على تحرير فلسطين، في حين كانوا يعملون من أجل تحقيق مكاسب خاصة بهم على حساب فلسطين وأهل فلسطين.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد