Al Jazirah NewsPaper Tuesday  19/02/2008 G Issue 12927
الثلاثاء 12 صفر 1429   العدد  12927
لا تكن إمعة
خالد عبدالعزيز الحمادا

ما معنى مسلم في نظرك؟ معناه أنه سلم الأمر لله انقاد واستسلم لله معناه الخضوع والتذلل لله وتطبيق أحكامه وامتثال شرعه والإخلاص في عبادته.. فأنت في هذه البسيطة خلقت لهدف وستبعث يوم الجزاء والحساب وستحاسب عن كل دقيقة وجليله {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

أنت لك قيمة وميزة ميزت بها عن سائر المخلوقات وحملت أمانة عظيمة السموات والأرض أبين أن يحملنها وحملها الإنسان الظلوم الجهول {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}.

أنت مسلم تحمل رسالة وتسعى لهدف (ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة) وهذه السلعة وهذا الهدف لا يتحقق بالكسل والخمول ولا بالتراخي والهزل والميوعة وإنما بالجد والجهد والصبر والمثابرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهدفنا نحو الجنة ضعيف لأننا لضعفنا وبشريتنا ولحكمة أرادها الله لا نستطيع أن ندرك أو نتصور أو نستوعب ما أعد فيها للمتقين لأن كل ما فيها من نعيم لا يقاس ولا يقارن بنعيم الدنيا بل تقصر عقولنا عن تصوره فموضع قدم وموضع سوط فيها خير من الدنيا وما فيها بل خمار حورية من حور الجنة خير من دنيانا الفانية كما ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد أعد فيها للمتقين (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) أو كمال قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فلابد أن نجد في طلب هذه السلعة وهي لا تحتاج منا كثير عمل فبعمل بسيط تخلص فيه وتداوم عليه ولذلك سمع رسولنا الكريم خشخشة نعلي بلال في الجنة فلما سئل عن عمله قال ما توضأت في ليل أو نهار إلا صليت ركعتين (سنة الوضوء) أو كما قال رضي الله عنه.

أنت تحمل قيماً وتنطلق من مبدأ وعلمك دينك أحكاماً وأعطاك تشريعات ووصاك بوصايا لا بد من تمثلها وتطبيقها وإحداث أثر بها على أرض الواقع.

أنت مسلم تحمل ديناً عظيماً وعقيدة نقية صافية افتخر بدينك واعتز بعقيدتك وكن واثقا شامخا معتزا بدينك مفتخرا بما خطته أنامل حضارتك لا تضعف ولا تتراجع ولا تنهزم أمام كل المتغيرات والتقلبات والتيارات الجارفة.. لا تنسلخ ولا تمسخ شخصيتك وتذُب في الآخرين وتصبح وعاء فارغا تمتلئ بكل ساقط وسافل أو قطعة من الإسفنج تمتص كل سخافة وسفاهة لا تكن إمعة تتماوج مع الأحداث وتتغير وتتقلب بتقلب الطقس وتغير المناخ كالريشة تعبث بك الريح: (لا تكونوا إمعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا) فالإمعة هو ضعيف الثقة مسلوب الإرادة متردد جاهز لكل أحد يتغير بتغير الطقس فاقد للبوصلة متذبذب يستقبل كل شيء دون (فلترة) أنت مسلم لا تطاطئ.. ارفع رأسك وقوِّ ثقتك وأكد تفردك واستقلاليتك واصنع تميزك وكن قدوة لمن حولك.. تميز بإيمانك وبأخلاقك.. تميز بانتمائك لدينك وثقافتك وحضارتك تميز بكلامك بلباسك بحركاتك بسكناتك.

لا تقلد أحدا أبدا أنت خلق وحدك ونسيج وحدك.

أنت هكذا ولدت بهذه الجينات وهذه المواصفات وهكذا قدر أن تكون فلا تنسَ نفسك وتنشغل عن مكامن تميزها وإبداعها ومحاولة إصلاحها بما عند الآخرين من إفرازات وتفاهات وموضات مائعة.. قم وانهض وابعث خيرك وانشر نورك وسطر إبداعك.. فأنت مسلم.

سطور أخيرة:

إذا كان اليهودي يغطي رأسه بقلنسوته ويشتد بكاؤه أمام حائط المبكى والنصراني كذلك يصلي على طريقته في كنيسته ويؤكدون انتماءهم لدينهم وعقيدتهم ويفتخرون بذلك فلماذا لا ترفع رأسك وتفتخر بدينك وبتفردك وتميزك بعاداتك بلباسك بكل ما تمليه عليك شريعتك وتمد صوتك عالياً وتصدح بقولك أنا مسلم {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.



Alhamada1427@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد