الطائف - مُتابعة - فهد سالم الثبيتي
تضيق السبُل وتُقفل كُل الأبواب.. وتسود الدنيا في عينيه يذوب الصوت ولا مُجيب.. كيف لأي كائن ما كان أن يعيش معاناته، أبٌ طاعنٌ في السن وأسرة فيها من الإناث أكثر من الذكور، وابنٌ عاق, بدايته تعاطي المخدرات ونهايته مرض نقص المناعة المُكتسب (الإيدز) وتهديده الدائم بافتعال الفاحشة في شقيقاته وأشقائه الأطفال..
اسودت الدُنيا في نظر الرجل العجوز، فمُستشفى الأمراض النفسية أُدخل فيها مرات عديدة.. يدور على مصحات منطقة مكة المكرمة.. رقم كودي يحمله بين أوراقه وسجن أُدخل فيه لعقوقه.. يختفي أيام تُعدُ على أصابع اليد ويعود بكل آلامه وإزعاجه لوالده وأسرته..
عاش والده مستور الحال موظف بسيط يتلقى اتصال في مقر عمله من مركز الأمراض المعدية ونواقل المرض وتكون الطامة الكبرى (ابنك مُصاب بمرض الإيدز).. ويبدأ بعدها معاناته حيث الحالة النفسية للأب تزداد سوءاً.. يتم إدخال ابنه مُستشفى الصحة النفسية ويتم تشخيصه (اضطراب الشخصية المُعادي للمجتمع) - مع سوء استخدام العقاقير الممنوعة - استخدامه لكُل أنواع المُخدرات والمُسكر.. ويُصبح قُنبلة موقوتة لأسرته أولاً وللشوارع التي تحتضنه ثانياً، والطامة الكبرى أنه يُمثل مُشكلة لا حل لها بالنسبة لمُخالطيه في أجنحة الدخول بمستشفى الأمراض النفسية.. وتتلألأ بارقة أمل في عين الرجل العجوز أن تحتويه إحدى غرف الحجز بمُستشفى الصدرية.. ويتوجه إلى أمارة منطقة مكة المكرمة طالباً العون لابنٍ يُمثل كل أشكال الرعب لأسرته قبل المجتمع الذي يعاديه وتأتي الطامة الكُبرى.. (مستشفى الصدرية ينفي كونه مريض حامل لفيروس الإيدز) المُكتسبة (من يُكذب من) و(من يُصدق من) مُستشفى الصدرية - مستشفى الصحة النفسية - مركز الأمراض المعدية ونواقل المرض بالطائف - أوراق سابقة تؤكد إصابته.. وهروب من المسؤولية بالنفي...
مُدير مستشفى الصحة النفسية بالطائف الدكتور رجب بريسالي قال: مثل هذه الحالة يجب علاجها من الناحية النفسية فقط حتى تستقر حالته ولا يبقى بالمستشفى كون بعض الحاملين لفيروس الإيدز يفتقدون القدرة على التعامل بشكل جيد مع مرضهم وتصدُر منهم بعض حالات الانتقام من غيرهم ويحاولون ممارسة الرذيلة حتى ينتقمون وبذلك فإذا كانت الحالة حادة جداً وتُشكل خطورة فيجب تنويمه في أقرب مصحة معنية بالحالة وإن كانت مُستقرة فيمكن علاجه في العيادات النفسية دون تنويمه.
ويقول الأخصائي الاجتماعي بمستشفى الصحة النفسية (مسفر بن يحي القحطاني) والذي تابع حالة المريض المعني: بعد عرض حالة المريض في اجتماع الفريق المعالج وجهنا رئيس الفريق بالبحث في حالته كونها مشكلة اجتماعية بحته حيث تم عرض حالته على رئيس الخدمة الاجتماعية وذلك للكتابة ومخاطبة الشؤون الاجتماعية مُمثلةً في مركز التأهيل الشامل لمعالجة وضعه من الناحية الاجتماعية وكان الرد أن الشروط لقبوله بالتأهيل الشامل كإيواء لا تنطبق عليه لعدم وجود إعاقة لديه مُشيراً إلى أنه تقرر له إعانة شهرية وبين القحطاني بأن المريض المعني يحمل أفكاراً اضطهادية ضد والده ولديه ميول انتحارية في معظم الدخولات للمُستشفى مُشيراً إلى أنه يتعاطى جميع أنواع المخدرات ومنها المواد الطيارة المُستنشقة وقال: لقد ذكر لي في إحدى جلساتي معه بأن له علاقات غير شرعية كانت قد جلبت له المرض وقال من منظور اجتماعي: مريض الإيدز يعاني من قسوة ومرارة العزلة الاجتماعية ومن ثم ضعف الروابط الاجتماعية التي كان يتمتع بها قبل إصابته بالمرض فالكل يخشاه أو يخاف منه حتى أفراد أسرته وكنتيجة لذلك يُصاب غالباً بالاكتئاب والشعور باليأس من الحياة والرغبة في الانتقام من الآخرين وأكد بأنه يتمنى نقل الإيدز لأي شخص كونه ناقم على المجتمع مؤكداً أنه من الصعب جداً بقاؤه في المستشفى لعدم وجود مكان عزل ولخطورته على النزلاء.
الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان كان لها تعليق على القضية عن طريق المُشرف عليها بمنطقة مكة المكرمة الدكتور حسين الشريف والذي أكد بأن مريض الإيدز لا يُعزل عن المجتمع أبداً لأن في ذلك انتهاكاً لحقوقيته حيث لا بد من دمجه فيه ويُمارس حياته بشكل طبيعي جداً وقال: من المُفترض توجيه المريض ومراعاته وبالنسبة لمرضه النفسي فلابد من أخذ علاجه عن طريق المستشفى وأشار إلى أن هناك حالات بالطبع تستدعي البقاء في المستشفى وحالات لا تستدعي ذلك حيث تُعالج رُبما في أي عيادة وقال: مثل هذا المريض لابد من تحديد حالته وتشخيصها بشكل دقيق من قِبل مستشفى الصحة النفسية وإعداد تقرير بذلك فهم المسؤولين عنه وإذا كانت حالته ترتبط بأمور تستوجب حجره صحياً فلابد من الإسراع في ذلك مُبدياً استعداد الجمعية على تقديم العون والدعم لوالده حيال ذلك إذا تقدم لها كون العملية لا تحتاج إلى تعقيد أبداً.