Al Jazirah NewsPaper Tuesday  19/02/2008 G Issue 12927
الثلاثاء 12 صفر 1429   العدد  12927
شيء من
علماؤنا
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

عندما أطرح بعض الرؤى وأناقش بعض القضايا، فأنا أضع رهن عيني البحث عن مصلحة هذه البلاد، ربما أكون حاداً أحياناً، أو صريحاً أكثر مما يجب، غير أنني أحاول جاهداً ما استطعت أن أشارك بجهدي المتواضع في تنمية هذه البلاد في نهاية المطاف، وما أكتبه لا يعدو أن يكون مجرد وجهة نظر قد تصيب وقد تخطئ.

وليس صحيحاً ما يتهمني به البعض بأنني أتقصد الإساءة إلى علمائنا أو أنتقصهم عندما أناقشهم، أو أنني أطرح وجهات نظر خاصة (تتعمَّد) أن تناقض ما يطرحون.. فأنا أدرك إدراكاً تاماً أن (شرعية) الحكم في هذه البلاد هي تحكيم الشريعة الإسلامية، وأن (العالم الشرعي) هو المناط به -من حيث المبدأ- تفسير النصوص، وقراءة الواقع وإسقاط مقتضيات النصوص على الواقع، والمواءمة بين النص والمصلحة قدر الإمكان، وأن أي تهميش لهم -أي للعلماء- يعني بالضرورة أننا نهمش (الشرعية) التي يقوم عليها الوطن، ونتجاوزها، وهي التي تُعتبر الجذر الذي يتكئ عليه بقاء هذه البلاد واستمرارها.

غير أن الذي أتمنى أن نعرفه جميعاً أننا اليوم نختلف عما كنا عليه في الأمس، ويوم غدٍ سنكون حتماً مختلفين عن اليوم، وأن كل يوم يمضي نقترب فيه من بقية العالم أكثر.. وهذا الاقتراب هو حتم وليس اختياراً، وأن البقاء في معزل عن تأثير العالم -كما يطالب البعض- لا نحفل به، ولا نهتم، يعني بالضرورة أننا نعيد تجربة طالبان، وهي تجربة معاصرة يجب أن تكون نصب أعيننا دائماً.

وهذه البلاد، أعني الدولة السعودية الثالثة، منذ أن جمع أجزاءها المؤسس -رحمه الله-.. كان (العالم الشرعي) مشاركاً رئيساً في البنيان، وتشييد المؤسسات، وكل ولاة الأمر، منذ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحتى اليوم، لا يتخذون قراراً إلا بعد أخذ رأي العلماء، وتداول القرار وخلفياته معهم، ثم اختيار ما تمليه مصلحة البلاد.. وكان أغلب العلماء في الماضي يعنيهم تطوير البلاد، ويهمهم أن تواكب هذه الدولة متطلبات البقاء والاستمرار، ويعرفون معرفة تامة أن تحقيق مصالح العباد والبلاد مسؤوليتهم الأولى والأهم، فهم ينطلقون من أن الشريعة مبناها وأساسها مصالح العباد في المعاش والمعاد، وأنها عدل كلها، ورحمة كلها ومصالح كلها كما ذكر ابن القيم - رحمه الله -.

وليس أدل على ذلك من أن علماء هذه الدولة (منذ البدء) كانوا يتوخون مصالح البلاد، والمساهمة في تحقيق (التنمية) بما يتواكب مع متطلبات الواقع من جهة ولا يخالف روح وأهداف وغايات ومقاصد الشريعة من جهة أخرى.. ولعل إلغاء (الرق) الذي أقره ولاة الأمر في بدايات الثمانينيات من القرن الهجري الماضي، ساهم في تخريجه شرعياً العلماء في ذلك الوقت، وعلى رأسهم الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- هو دليل واضح وجلي يؤكد ما أقول، رغم أن (باب الرق) كان أحد أبواب الفقه في الشريعة الإسلامية.

وكل ما نأمله في علماء زماننا هذا أن يتحروا مصلحة البلاد آخذين في عين الاعتبار أن عالم اليوم تغيّر، وأننا جزء من هذا العالم، وأننا يجب أن نراعي هذا الواقع المعاصر أشد المراعاة، ولعل قضية فتاة القطيف وتطوراتها، وما آلت إليه، يُؤكد ما أقول.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد