في عيون أبنائه يعيش وطني، وفي أنظار أبطاله يكبر وطني، وفي مهج البواسل يحل ملاكه، وعلى ذراه يتربع المجد، وعلى المجد تربعت ذراه. في أوديته ينساب ماء المروءة، على رؤوس رواسيه تحلق نسور القمم الشماء، وفي وجه الطبيعة يفتر مبسم ثغرك الوضاح يا وطني. في محفظتي صورة جميلة لوطني لم يدنسها فحش الغطرسة الذي اتسخ العالم بدنسه، في حقيبتي بعض أثار وطني أحفظها كما أحفظ اسمي وعلى منضدتي تجثم أوراق في سطورها سطر المجد أهزوجة الوطن، ومن نوافذ غرفتي هواء وطني أتنسمه عليلاً، ومن شرفات الجدران تتسلل أشعة شمس الوضوح والنقاء. وطني شجرة ظلالها وارفة، وسيقانها واقفة وأغصانها سامقة، شجرة ثمرها يغني الغني والفقير، وفي ظلها يتفيأ الغادي والرائح، وطني طود أشم جذوره متمترسة في أرض معطاء، تسامر جذور أشجار الخير عراقة وأصالة ورأسه تطاول عنان السماء. وطني سماء صافية تشف عن زرقة البحر النقي.
وطني أنشودة الأوفياء، وأبجدية الأقوياء. الأقوياء بإرثهم وحضارتهم، وطني حروف الكلمات التي تقال صدقاً سافراً وإيماناً عامراً، وطني بحر تنتمي إليه روافد العزيمة، وأنهار الخير، انتماء الشيح للصحراء، والعصا للراعي، والحداد للحادي.
وطني بيرق عز يرفرف على سارية المجد، وسارية مجد تعانق سحائب الخير، وطني هوية أحفظها في كفي وكف أدفع بها المحزز، وطني ساعد تحمل راحتي، وساق علاها جسدي، وطني تراب طاهر، وبحر هادر وسيف باتر، وطقس ماطر وربيع بالحب والخضرة زاهر، وطني بوابة كبيرة مفتاحها هويتي، وأسوارها انتمائي، وطني جملة كلماتها الوفاء وحروفها الولاء، ولاء القافية للقافي، ولاء القطرة للمطر، ولاء الزهرة للورد، ولاء البسمة للثغر الباسم.وطني مفتاح ألج به قلوب الأنقياء، وطني قبلة المسلمين انبنى فيها المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وطني قلعة عز لا يضعف، وقنديل مجد سراجه لا يخبو، وفارس سيف جواده لا يكبو. وطني كتلة إخلاص، ومنبع وفاء، وطني ملك أسر الشعب بإنسانيته، وطني قصة إنجاز سعودية.
