نشرت الصحف خلال الأيام القليلة الماضية أخباراً تتعلق بضبط جرائم يسم لها البدن ويقف لها شعر الرأس. ومن تلك الجرائم:
- رصد 265 طناً من المواد الغذائية الفاسدة غير الصالحة للاستخدام الآدمي.
- ضبط كميات كبيرة من الأدوية منتهية الصلاحية في عدد من الصيدليات.
- الكشف عن مستودعين لتخزين المواد الغذائية منتهية الصلاحية.
- ضبط عصابة تسوق زيوت زيتون منتهية الصلاحية وتقوم بوضع تواريخ جديدة عليها.
- ضبط 12 مركزاً لخدمة السيارات تبيع إطارات منتهية الصلاحية حيث تم مصادرة 1930 إطاراً مغشوشاً.
تلك الجرائم الشنيعة لا يعدو كونها نقطة في بحر من حجم المواد الغذائية والأدوية الفاسدة التي لا تصلح للاستخدام الآدمي، والتي تسوق لها الكثير من الأسواق والمحلات التجارية، خاصة إذا ما علمنا بأن أعداد المراقبين الخاصين بحماية المستهلك في كل منطقة من مناطق المملكة لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة. نعم إن ما تم ضبطه لا يمثل سوى جزاء يسير من تلك الأغذية الفاسدة والتي أزهقت بسببها الكثير من أرواح أهلنا ومحبينا، ناهيك عن تلك الأعداد الكبيرة من المرضى التي تغص بها المستشفيات بسبب تناول تلك السلع المسمومة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي.
كل ذلك يحدث في ظل غفلة من الأجهزة التنفيذية ذات العلاقة، وكل ذلك يحدث في ظل عقوبات مخزية تتضمنها الأنظمة واللوائح وتساعد عديمي الذمم من التجار على التمادي بتسويق تلك السلع للمواطنين وكل ذلك يحدث في ظل توجيهات القيادة - حفظها الله - لكافة الأجهزة التنفيذية ذات العلاقة بالحفاظ على سلامة وصحة المواطن، وكل ذلك يحدث في ظل تغطيات إخبارية وتحقيقات صحفية مكثفة كاشفة لتلك الجرائم الإنسانية التي تحدث في أسواقنا بشكل يومي، ولكن لا حياة لمن تنادي.
والسؤال هنا إلى متى سيستمر انتشار هذه الجرائم الإنسانية من خلال تسويق تلك السموم والأغذية الفاسدة في أسواقنا، ثم ماذا تحتاج الأجهزة التنفيذية ذات العلاقة حتى تتمكن من السيطرة على تلك الجرائم.
الجهات الأمنية لم تقصر فهي تسهم في ضبط العشرات من تلك الجرائم، والصحافة لم تقصر فهي ومنذ سنوات تنشر الكثير والكثير من تلك الجرائم. وعلى الرغم من ذلك نجد فشلاً ذريعاً من قبل الجهات المعنية بذلك في السيطرة على تلك الجرائم، بل إنني لا أبالغ إذا قلت بأن هناك تزايد وانتشار في حجم تلك الجرائم الإنسانية والتي تأثرت بسببها صحتنا وأرواحنا.
فماذا تحتاج تلك الأجهزة حتى تتمكن من التغلب على تلك الجرائم، لقد سبق أن صدرت قرارات لمجلس الوزراء بإنشاء وكالة لشؤون المستهلك بوزارة التجارة، وكذلك جمعية أهلية تسمى بجمعية حماية المستهلك، وعلى الرغم من ذلك لا تزال تلك الجرائم الإنسانية في ازدياد، وصدقوني طالما أن العقوبات التي تتضمنها أنظمة ولوائح الغش التجاري غير رادعة، فلن يتم القضاء على الغش التجاري حتى لو تم إنشاء وزارة مستقلة لحماية المستهلك.
ولمجرد التذكير، أشير إلى أنه سبق أن تم ضبط:
- 31 طن لحوم فاسدة في حي السلي بالرياض.
- 17 طناً من المستحضرات الطبية الفاسدة.
- 3300 رأس غنم و3300 كبدة منتهية الصلاحية تم توزيعها على محلات المندي في وسط الرياض.
- مؤسسة تسوق الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية من خلال 300 صيدلية في مدن مكة وجدة والمدينة وأبها والطائف.
فماذا تم حيال هؤلاء المجرمين، وما هي العقوبات التي طبقتها وزارة التجارة أو وزارة الصحة بحقهم، صدقوني إننا عندما نعلم العقوبات التي طبقت بحقهم ومدى ضآلتها سندرك جميعاً السبب في فشل تلك الوزارات في القضاء على جرائم الغش التجاري.
باختصار الموضوع لم يعد يحتمل، والموضوع يحتاج تدخل من أعلى السلطات في الدولة لإقرار العقوبات الرادعة من تشهير وسجن بل وحتى قتل من يتسبب في إزهاق الأرواح البريئة، ألا يمكن اعتبار من يسوق تلك السلع غير الصالحة للاستخدام الآدمي على أنه من المفسدين في الأرض وبالتالي تطبيق العقوبة الشرعية المناسبة بحقه، ألا يمكن اعتباره مرتكب لجريمة قتل جماعي مع سبق الإصرار على فعل ذلك.
وللمعلومية فإن عقوبة الإعدام هي العقوبة المطبقة في دولة الصين وعدد من الدول الأخرى بحق من يقوم بالمتاجرة بأرواح الناس من خلال تسويق تلك السموم والأغذية الفاسدة. لمجرد المعلومية.
dralsaleh@yahoo.com