أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تأييده لمبادرة الجانب السعودي الرامية إلى توقيع اتفاقية تعاون بين الحكومتين الروسية والسعودية. جاء ذلك أثناء استقباله لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في موسكو. ولهذا دلالته، خاصة أنه صدر عشية مناسبة مهمة في تاريخ علاقات البلدين الحديث، إذ قبل 82 سنة، في 16 فبراير عام 1926م كانت موسكو أول من اعترف من الدول الكبرى باستقلال الدولة السعودية الموحدة برئاسة الملك ابن سعود.
ومرت العلاقات منذ ذلك الحين بفترات نهوض وهبوط بما فيها مرحلة انقطاع العلاقات الدبلوماسية على مدى أكثر من 50 عاماً. ولم تتفق موسكو والرياض على تطبيعها بصورة تامة إلا في عام 1990م.
وأظهرت السنين المنصرمة أن قيادة الدولتين توليان أهمية متزايدة لنهوض وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات وعلى مختلف المستويات. وخير دليل على ذلك الحوار السياسي والزيارات المتبادلة على مستوى القمة. وكانت الأخيرة منها - زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة قبل عام، الأولى في تاريخ العلاقات الثنائية، وكذلك زيارة ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود إلى موسكو في نوفمبر من العام الماضي.
وعرضت هذه الزيارات تطابق وجهات نظر روسيا والمملكة بشأن مجمل القضايا الإقليمية والدولية الحيوية. وإن روسيا متمسكة بتسوية قضية الشرق الأوسط على أساس متين وعادل، وكذلك ترسيخ الاستقرار والأمن والهدوء في منطقة الخليج.
كما تنسجم مواقف البلدين فيما يتعلق بدعم المجتمع الدولي في قضية إجراء حوار بين الحضارات على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل. ولديهما رؤية واحدة بصدد قضية الإرهاب الدولي ومكافحته.
كما أن تعزيز الثقة مع المملكة العربية السعودية، مهد الإسلام، مهم لموسكو في التصدي للتطرف الإسلامي، وتأثيره على مواطني روسيا المسلمين.
ويوجد لدى روسيا والمملكة العربية السعودية الكثير من المجالات، حيث تلتقي مصالحهما. فالدولتان بصفتهما أكبر مصدري الوقود، تعرضان للعالم سلوكاً مسؤولاً بقيامهما بدور مشيع للاستقرار الرئيسي في سوق النفط، التي تتعرض للهزات نتيجة التقلبات الاقتصادية والسياسية.
وإن روسيا مهمة للرياض كشريك بديل في استثمار الثروة النفطية السعودية بواسطة تكنولوجياتها. وأخذت الشركات الروسية تنشر تدريجياً شراكتها في مجال استكشاف واستخراج النفط والغاز في المملكة العربية السعودية. وتحتل مركز الصدارة في هذا الميدان شركة (لوك أويل) التي تشارك على مدى عدد من السنين في مشروع واسع الأبعاد لاستكشاف واستثمار حقول الغاز والغاز الكثيف في القاطع (أ) في صحراء الربع الخالي.
وهناك ميدان آخر للتعاون - مد خطة سكة حديد (الشمال - الجنوب) في المملكة بطول 2400كم. وقد فازت مؤخرا شركة (السكك الحديدة الروسية) بالمناقصة حول إنشاء قسم من هذا الخط، يمتد من الزبيرة في الشمال وحتى مطار الرياض الدولي.
وفي ظل مساعدة روسيا الفنية أطلق إلى الفضاء عدد من الأقمار الصناعية السعودية. وأخذت تتفتح آفاق جيدة أمام البلدين للتعاون في ميادين التكنولوجيات الحديثة والابتكارات، والطاقة الذرية، والثقافة والخ.
وإن اعتراف موسكو باستقلال المملكة العربية السعودية، الذي ستحل ذكراه الثانية والثمانون في 16 فبراير، شكل بداية تاريخ العلاقات الروسية السعودية الحديث. وكان هذا الاعتراف بالنسبة للدولة السعودية الفتية وقتئذ دعماً معنوياً قيماً.ولا توجد حالياً لدى البلدين، الذين يتصفان بالبراغماتية في السياسة الخارجية وتقبل، أي تناقضات أو قضايا مختلف عليها. وأخذت العلاقات الروسية السعودية تكتسب في الآونة الأخيرة بعداً واسعاً بشكل متزايد، وتتصف بالدينامية الإيجابية. ويبدو أنه بوسع البلدين إيجاد قاسم مشترك، والعمل بانسجام في قضايا تنويع اقتصاديهما من أجل تحريره من التبعية لتقلبات النفط والغاز.وكل هذا يتيح التعويل بتفاؤل على إقامة تعاون وعلاقات مشتركة النفع بين البلدين والشعبين.
* خصيصاً لنوفستي