قرأت في صحيفة الجزيرة خبراً أيام الامتحانات عن أن عميدة كلية التربية بمدينة الرس الدكتورة رقية الحبيب قد تكفلت بإفطار طالبات كلياتها أيام الاختبارات، وكل ذلك على حسابها الخاص، وكان عدد الطالبات كثيراً واستمرت العميدة عدة أيام تقدم الفطور للطالبات مجاناً. وقفت كثيراً أمام الخبر وتذكرت مكامن الكرم في الناس رجالهم ونساءهم، فبرزت لي وجوه كثيرة لا يمكن أن تحصى من رجال ونساء هذا البلد، لكن هذه العميدة - كثر الله خيرها - يبدو لي أنها بنت رجال كما نقول ككناية عن أن معدن الكرم لا زال ساريا في أسرتها، وقد كان الناس هنا (قبل العولمة) يبحثون عن ابنة الرجل المتدين أو الكريم أو صاحب الشجاعة، ولا غير ذلك يغريهم، وهم يعتقدون (وأظنه صحيحاً) أن خال الولد أو البنت له دور في تكوين الصفات الخلقية (بضم الخاء المعجمة) كالكرم والإيثار والحكمة ونحوه.
ولو حسبنا بعملية بسيطة تكلفة فطور كل يوم من أيام الاختبارات لوجدنا أنها تكلفة ليست بالقليلة، وأن راتب سعادة الدكتورة الشهري قد لا يغطي التكلفة، لكن بعض الناس لديهم متعة يستمتع بها ولو كانت تحمل له الخسارة المادية، لأنه لا يفكر في مسألة ربح أو خسارة مادية، وتلك المتعة تسري في عروقه مع الدم، بل هي فطرة فطر عليها، فبعضهم متعته مسح دمعة يتيم أو فقير، وبعضهم متعته تقديم الخير للآخر مهما كان الآخر، وهي صفات نحرص على أن تستشري في الناس رجالا ونساء، ونود أن تستمر في بلد كله محبة ووفاء ويغلب على سكانه فعل الخير وتقديم العطاء للكل.
الدكتورة رقية الحبيب امرأة تستحق الاحترام، لأنها أعطت أكثر بشكل أجمل، وهي صنعت وشيجة من احترام الطالبات ولها، لأنها ترى أن الطالبات هن بناتها أو شقيقاتها، وهن بذلك المنظور سوف يبقين يذكرن تلك العميدة التي جاء كرمها للطالبات في حالة امتحان يشغلهن عن الوقوف أمام المقصف أو المطعم في الكلية، فجاءت نظرة الدكتورة أجمل من الانتظار، جعل الله ذلك في موازين حسناتها..
فعلاً تستحق الدكتورة رقية كل الاحترام.. كثر الله من أمثال تلك المرأة الرسية اللماحة، ولا غرابة في أن تفتح الرس الوفاء والخير بشكل مبهج.
Abo-hamra@hotmail.com