تردني رغبات ملحة من قرائي الأعزاء للكتابة عن الأفراد الذين قدرت عليهم الإعاقة وهم من عناصر هذا المجتمع الذي يقوم على مبدأ إيماني هو التكافل والعناية والتعاضد لأعضاء الجسد بعضها ببعض...
ولم تكن الكتابة في هذا الشأن حديثة عهد إذ جاءت قبل نشأة جمعية الأطفال المعاقين وقبل أن تدخل الفئات الخاصة ضمن هيكلة الأنظمة العديدة ذات الصلة أو المتفاعلة مع حاجات الأفراد بوصفها جزءاً من المجتمع لها ما للآخرين وعليها ما عليهم في نطاق القدرة التي هيأها الله تعالى بها...
وقد احتفينا ولا نزال بكل منجز لهؤلاء الأعزاء وبكل قرار نير يأتي بشأنهم... واستتبت لنا جميعنا الثقة عند توجه النظام التعليمي والاجتماعي والطبي وتخصيص ميزانية الدولة بنداً يعضد هذه الأنظمة وييسر لها تقديم أفضل الوسائل وأحدث الأجهزة التي تحقق لهم حياة طيبة ومعيشة رضية بما فيها منشآت الخدمات العامة.... لا سيما أن مجتمع الخير بفئاته وجهاته المتمثلة في جمعية الأطفال المعاقين بفروعها والجمعيات الخيرية بأنشطتها ومعوناتها ومراكز تدريبها يقومون بأعمال متقدمة في هذا المضمار من بابي الواجب والخير... وبعد أن غدت هذه الفئة ضمن هيكلة النظام العام شأنها شأن ما يقدم للأفراد السليمين...
ثمة ما لا نحيط به وهو تمام أو قصور جزيئات آليات التنفيذ لأن لها من يقومون بها وما لم يكن المرء كاتباً أو غيره ضمن عناصر العمل فيه والتنفيذ فإن ما يملكه من المعرفة في أي شأن هو بالقدر الذي يبلغه إما عن طريق أصحابه من المستفيدين أو أصحابه من المنفذين... ويبقى للكاتب أن يكشف عن الحاجة بقدر ما يرده فيعلمه...
هناك جهات من شأنها التحري وهذا ليس من صلاحيات ذوي الأقلام بل من واجبات العاملين في الصحافة ممن يمتهنون الحرفة ويحترفون العمل بها...
ولأن ما يردني يعين على إلقاء الضوء فقط فقد سبق أن أثرت موضوع صيانة أجهزة المعاقين, ثم كررت الكتابة حول الموضوع في حدود ما يردني إيماناً بأن القلم يوقظ وينبه... وعلى المعنيين بالأمر أن ينهضوا ويتولوا مسؤوليتهم... وثقة متبادلة مع القراء الأعزاء بأن ما نتناوله كتابة هو محض قناعة لا من يفرضها ولا ما يحملنا لتبنيها إلا الإيمان بقيمة الحرف...
أقول هذا تعقيباً على ما علق به الأخ بندر العتيبي في ذيل موضوع يوم السبت واطلع عليه القراء الأعزاء بقوله:
(تحية شكر لكِ دكتورة خيرية على تخصيص محتوى عمودكِ الصحفي مرتين للتطرق لِمَا يعانيه ذوو الاحتياجات الخاصة وأسرهم من سوء التعامل والتهميش خاصة عدم تفعيل القرارات التي تم اعتمادها من مجلس الوزراء والمعنية بالاهتمام والرعاية وتوفير كافة السبل لهذه الفئة كسائر أفراد المجتمع. ثانياً للأسف أجد التطرق في كلتا المقالتين متكلّف بشكل واضح وكأنه تأدية واجب تحت الضغط.. على الكاتب أن لا يتطرق لمعاناة الآخرين قبل أن يشعر بها من خلال زيارة مواقع يحتك فيها بشكل مباشر مع أساس المعاناة أو يعيشها عن طريق وجود نماذج مشابهة في نطاق معرفته سواء كانوا أصدقاء أو من الأقارب وسواهم، غير ذلك فالكاتب يمارس الكتابة لمجرد الكتابة..)...
ولأن الفئات الخاصة متعددة الاحتياجات وبالتالي متعددة جهات المسؤولية عنها فإن ما نتوخاه أن يبادر كل مسؤول بتقديم ما تضطلع به جهته من أدوار بعينها... ومن ثم الكشف عن الصعوبات أو الاحتياجات التي تسدد ما يعجزه عن الوفاء لها توخياً للأخذ بالأسباب من ذوي القرار ومن ثم وضع الحلول والاجتياز بهذه الفئات عتبات التعثر سواء في الخدمات أو المعونات أو تكلفة المعيشة وصيانة الأجهزة...
ثمة من وجه رسائل تعقيبية للجزيرة مباشرة منها: (جزاك الله ووالديك الجنة....., المعاقون منذ سنوات ينتظرون تفعيل المجلس الأعلى للمعاقين الذي صدر به أمر ملكي ليحل مشاكلهم وشكرنا لك ودعائنا) ومن كتب: (لقد عانيت كثيراً وأنا أب لمجموعة من المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية - زيد الضبعان)، ومنهم من يؤكد بأن هناك معونات لكنها غير كافية لتغطية الحاجة وتحديداً لمن دخله الشهري لا يفي بتغطية المطلوب لأبنائه المعاقين... ومنهم من تقول: (على الرغم من المعونات إلا أنني أتعرض لذل السؤال كلما عصفت بي الحاجة وعجزي عن مواجهتها لأبنائي الكبار المعاقين - فاطمة)...
ولأن هناك آذاناً تصغي لدى الجهات المسؤولة....
ولأننا جميعنا نتجه للجهة المختصة فإننا ننتظر:
أولاً: تفعيل المجلس الأعلى للمعاقين لتأخذ هذه الشريحة من المجتمع حقها بمن يتصدى لمشكلاتها واحتياجاتها ويتولى العمل على تطوير الخدمات الخاصة بها، وتهيئة الحياة في جوانبها المختلفة لها بحيث لا تواجه معاناة أو تعثر أو تعسر.
ثانياً: أن تواجه كل جهة مسؤولة عن جانب من جوانب الاختصاص في شأنها ما يعانيه المعوق أو ولي أمره جراء مطالبتهم باحتياجاتهم ولا تعرضهم لرهق الحاجة أو تغلق عليهم أبواب الإفضاء... بل تتصدى بأريحية وانتظام واهتمام لكل ما يتعلق بهم..
ثالثاً: أن ما زاد الطلب أو عمت الشكوى فإن هناك خللاً على الجهة المختصة تحديداً التصدي له.
رابعاً: أننا جميعنا ننتظر أن يجد المعاق نفسه ويجد وليه أن الإعاقة لم تكن يوماً دون التمتع بحياة سليمة فقد كفل لهم الله أمورهم وهيأ لهم ما ومن يجعلها كذلك.
***
ولمن كتب لي في رسائل الجزيرة الإلكترونية يقول: (أشكرك من الأعماق على كتاباتك عن المعاقين .............. مثال (للإنسانية) جعل الله ذلك في موازين حسناتك)...:
كل حرف هنا للإنسان في ضوء ما للإنسانية من حق الشفاعة والتآزر والتعاضد...
بوركتم قرائي الأعزاء جميعكم