الجزيرة: سعود الشيباني :
سجلت سهام بنت عبدالله بن يحيى الزهراني وابنتها ميرال بنت عبدالرحمن بن أحمد الزهراني نفسيهما كأول شهيدتين خارج الوطن بعد أن تعرض منزل سفير خادم الحرمين الشريفين في دولة تشاد لهجوم من قبل المتمردين، الذين حولوا دولة تشاد لساحة معركة قتل فيها العديد من الناس وألحقت خسائر مادية كبيرة وكانت ورود الوطن برفقة والدهم الموظف في سفارة خادم الحرمين في انجيمنا عبدالرحمن بن أحمد الزهراني يسكنون في منزل السفير السعودي بعد أن توفرت معلومات مؤكدة من تطويق المتمردين لمدينة انجيمنا حيث كانوا يتابعون تحركات المتمردين الذين وصلوا شيئاً فشيئاً حتى وصلوا على مسافة تقدر بـ(30) كيلو متراً من مدينة أنجيمنا حيث أكد السفير لأعضاء سفارة خادم الحرمين الشريفين أن الوضع خطير ويجب عدم المغادرة من هذا المنزل حتى يتم توفير حماية لنقل الجميع خارج المنطقة المشتعلة حيث تجرى اتصالات مستمرة مع خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والامير سعود الفيصل وزير الخارجية وعدد من القيادات السعودية لسرعة تأمين سلامة أعضاء السفارة السعودية.
وكشف الموظف عبدالرحمن الزهراني في تصريحه ل(الجزيرة) أنه في يوم الجمعة الماضية طلب السفير من أعضاء السفارة سرعة الحضور وعدم المغادرة لخطورة الوضع، وكنا نتابع سرعة وصول المتمردين لمدينة انجيمنا حيث انهم شكلوا طوقاً على المدينة ومن الصعب المغادرة، كما أن الطيران متوقف نهائيا وفي فجر السبت سمعنا اطلاق نار كثيف يكاد لا ينقطع وفي حدود الساعة الثانية عشرة بتوقيت تشاد الساعة (2.30) ظهراً بتوقيت السعودية حدث قضاء الله وقدره حيث ساق رب العزة والجلال قذيفة على منزل السفير وقنبلة على الغرفة التي تتواجد فيها عائلتي، وكنت أنا الوحيد السعودي الذي ترافقه أسرته معه حيث ان جميع زملائي بالسفارة -بمن فيهم سعادة السفير الذي كان أباً للجميع- أسرهم بالسعودية.
واستطرد الزهراني حديثه قائلاً: بعد القذيفة بدقائق انطلقت لاستطلاع الوضع فوجدت زوجتي سهام وابنتي ميرال البالغة من العمر ستة أشهر قد انتقلتا إلى رحمة الله في الحال، أما ابني احمد ذو العامين وسبعة أشهر ومزون ذات الخمس سنوات فقد تعرضا لاصابات ولكن قدر الله ان إصابة أحمد بالرغم من أنها قوية لم يصب بنزيف حيث من الصعب جداً اسعافهما للمستشفى.
وقال عبدالرحمن الزهراني: بعد الوفاة أبلغت السفير وزملائي الذين وقفوا معي وقفة أخوية لن أنساها وتم مهاتفتي من قبل الأمير سعود الفيصل والأمير محمد بن فيصل بن تركي والأمير خالد بن سعود بن خالد وعدد كبير من المسؤولين وكانت المكالمات الهاتفية لا تنقطع لتأمين الحماية لنا وطلب سرعة نقل المصابين مشيراً إلى أن الوضع المأساوي استمر (6) ساعات قبل نقل الشهداء والمصابين وأنا أتنقل ما بين جثمان سهام وميرال وأطفالي المصابين ولسان زملائي لا ينقطع من رفع معنوياتي وتخفيف ما أصابني ونحمد الله على ذلك، مؤكداً أن أكثر معاناتي هو وضع أطفالي المصابين وأحاول اخفاء دموع الحزن على فراق سهام وميرال من نظرات أحمد ومزون اللذين شاهدا أبشع الحوادث.
وأضاف الزهراني أن زوجته سهام قبل وفاتها بعشر دقائق نقلت ميرال معها بالغرفة التي شهدت دماء شهيدتي الوطن.
وبين الزهراني بقوله: بعد (6) ساعات وصل إلينا الصليب الأحمر بالرغم من خطورة الوضع الأمني ولكنهم جازفوا بأرواحهم لنقل المصابين ووضع الفقيدة في ثلاجة المستشفى مؤكداً أنه وأطفاله عاشوا حقيقة المعاناة المرة فكيف تتخيل.. فقدت زوجتي وطفلتي، وطفلايّ الآخران مصابان ونحن كل دقيقة نتوقع حدوث مكروه آخر في السفارة.
وقال: بعد ذلك نقلت زوجتي لثلاجة المستشفى وعمل اسعافات أولية لطفلي المصابين مشيراً إلى أن المتمردين احتلوا البلد عدا قصر الرئيس، وكنا نشاهد ونسمع اطلاق النار ونشاهد السلب والنهب والطعن ولم نتعرض لاطلاق نار لحظة مغادرتنا من منزل السفير إلى المستشفى حيث نقلت زوجتي للثلاجة وعمل اسعافات أولية لأحمد ومزون.
وأضاف: بعد أقل من ثلاثة أيام تم نقلنا من الفندق إلى القاعدة الفرنسية التي تبعد أقل من (2) كيلو من الفندق بواسطة قوة فرنسية مكونة من أكثر من (50) رجل أمن وعربات مصفحة ودبابات لنقل أعضاء السفارة السعودية بعد أن تدخل خادم الحرمين الشريفين وولي العهد ووزير الخارجية - حفظهم الله - مشيراً إلى أنه استغرق وصولنا إلى القاعدة بعد مضي (45) دقيقة بسبب الوضع الأمني الخطير ليتم بعد ذلك عمل فحوصات طبية شاملة على أحمد ومزون، وبعد ذلك تم نقلنا عبر طائرة سعودية من مدينة أنجيمنا إلى الجابون واستقبلنا القائم بالأعمال في السفارة السعودية ناهض الحربي الذي قام بجهود كبيرة كما استقبلنا طاقم طبي وفي اليوم الثاني تم نقلنا.
وبين الزهراني أن أول تجربة لي بالعمل بالسفارات خارج الوطن في تشاد حيث كلفت بالعمل تقريبا عامين حيث سافرت لأول مرة ومكثت (3) اشهر ورجعت للمملكة واصطحبت زوجتي وأطفالي وبعد (9) أشهر رجعت للمملكة وسافرنا لمقر عملي في السفارة في مدينة أنجيمنا بعد حج هذا العام 1428هـ ولكن شاءت الأقدار أن تعود سهام وميرال في تابوت.
مؤكداً أن الوضع الأمني خلال العامين الماضيين غير متزن وهناك اضطرابات أمنية بدخول المتمردين أكثر من مرة شرق تشاد ولم يكن هناك تهديد للسفارة السعودية خلال الفترة الماضية.
ورفع عبدالرحمن أحمد الزهراني ووالده وأشقاؤه وعمه -والد الشهيدة- عبدالله بن يحيى الزهراني ويحيى أحمد الزهراني شكرهم وتقديرهم لمن قدم لهم التعازي ودعمهم معنوياً وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد والأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وأمير منطقة الباحة والأمير سعود الفيصل والأمير سطام بن عبدالعزيز والأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة والأمير خالد بن سعود بن خالد مدير الإدارة المالية بوزارة الخارجية والأمير عبدالعزيز بن بندر مساعد رئيس الاستخبارات العامة والأمير فيصل بن محمد بن سعود نائب أمير منطقة الباحة والأمير منصور بن سعد بن سعود والأمير عبدالعزيز بن بدر بن سعود والأمير محمد بن فيصل بن تركي مدير إدارة الاتحاد الأوروبي ودول الاتحاد على دعمه المعنوي والمادي ومشاركته في العزاء وتقديم وجبة غداء للمعزين وعدد من منسوبي السفارات والمسؤولين وشيوخ القبائل وأبناء القبيلة على وقفتهم الحانية في شهيدتي الوطن.
كما تحدث والد الشهيدة سهام قائلاً: بعد تعرض تشاد لحرب المتمردين تابعنا عبر التلفزة الأخبار والأوضاع وفي الصباح تواجد عدد من الأقارب وأبلغوني بوفاة سهام وابنتها مؤكداً أن هذا قضاء وقدر والمؤمن مبتلى ونحمد الله ولكن مما رفع معنوياتنا هو الاتصالات والحضور الكبير من ولاة الأمر حفظهم الله كما أن الأمير سلمان أمير منطقة الرياض كان على سفر وأجله بهدف الصلاة وتقديم العزاء لنا ومعه الأمير سطام بن عبدالعزيز فللجميع منا الدعاء بالتوفيق وجعل الله ذلك في موازين حسناتهم.