ليس هناك من رجل لا يُحسد على ما هو عليه أكثر من السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية.
فكل من شاهده في المؤتمر الصحفي الخاص بالأزمة الراهنة في لبنان لا شك أنه رثى لحال الرجل الذي تتنازع الكلمات في فمه مخافة أن تُحمَّل ما لا تحتمل، أو تُفسر على وجهٍ قد يقود إلى أنفاق جديدة من الظلام الذي لا نهاية له، ولا إضاءة ينتهي بها.
والحق أن الأزمة في لبنان لا تسرُ صديقاً، ولا تبهج إلا أعداء هذا البلد الذي يجري سريعاً إلى مجاهيل لا يعلم خطورتها إلا الله سبحانه وتعالى، وندعوه مخلصين أن يجنب هذا البلد وأهله كل شرٍ يريده البعض له.
الذين يقرأون سطور الأزمة اللبنانية ليسوا بالضرورة قادرين على قراءة ما بين السطور، إذ إن كثيراً من الحسابات يبدو أنها من المقرر أن تُصفى على أرض لبنان، وعلى حساب كل أهل لبنان، وإلا، لماذا تصل الأمور إلى حد انعدام الثقة بين أهل الوطن الواحد، وتأخذ الفتنة طريقها بسهولةٍ ويُسر إلى عناوين لبنان، وتبدأ الدماء يكشف سوءات السياسة الموقوتة على أرض لبنان وبين شعبه؟!
البيان الذي صدر عن وزراء الخارجية العرب كان كفيلاً بحل الأزمة لو أن النوايا كانت خالصة لمصلحة لبنان، والمساعي التي بذلها السيد عمرو موسى وسوف يتابعها تكفي لأن تعطي الانطباع بالحرص العربي على سلامة وأمن لبنان... لكن المفجع أنه يبدو كما لو أن اللبنانيين أنفسهم ليسوا كالعرب في حرصهم على لبنان فكيف يبقى بلد الشهور دونما رئيس؟! وأيُّ بلد في العالم يشترط مقاييس تناسب كل صغير وكبير من المرؤوسين؟
لا يمكن فهم الصراع اللبناني- اللبناني، وتصور الحل المناسب له، إلا بالوعي التام بالصراع الإقليمي والدولي، والأهداف الكامنة وراء هذا الصراع.
كلنا ثقة أن البنانيين سيجدون أنفسهم أخيراً في حوار ينجيهم معاً، مثلما كلنا أمل ورجاء أن تكون الذاكرة اللبنانيين قوية بما يكفي لاسترجاع ويلات الحرب الأهلية التي أكلت عقوداً من مستقبل لبنان مثلما أغرقت بالدماء قروناً من طموحات أهله.
إن عودة اللبنانيين إلى هذه الذاكرة، ومذكراتها جيداً كفيل بأن يئد الفتنة التي بدأت تُطل بوجهها القبيح في شوارع بيروت وغيرها من عناوين لبنان.
السيد عمرو موسى في لبنان مرة أخرى، وسيلتقي بالوجوه ذاتها، وفي يده بنود القرار العربي عينها، ويبقى الأمر معلقاً على الوجوه، وعلى الغيرة اللبنانية قبل غيرها على وطن جميل اسمه لبنان.... وتاليها؟؟!!