Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/02/2008 G Issue 12914
الاربعاء 29 محرم 1429   العدد  12914
نهارات أخرى
أنا.. ونون النسوة!
فاطمة العتيبي

لم أعرف يوماً الصفوف الخلفية..

ولم يقل لي الرجل يوماً..

دونك.. مكانكِ هناك.. في الصف الخلفي.. كنت دائماً متساوية الخطو معه.. كتفي بكتفه.. إلا في الصلاة، كنت أتراجع خطوة أو خطوتين..

** لم أعرف الخباء.. كانت الصحراء.. لي.. أرسم فيها دوائر أحلامي. وأركض خلف السراب حتى أمسكته بيدي ورأيته رأي العين!

** لم آكل من قصعة انتهى منها الرجل قبلي.. كانت يدي (خشيرة) يده.. تلتقط اللقمة من ذات الإناء.. وفي حضرة الغرباء.. كانت قصعتي بمستوى وسامة قصعة الرجال!

** استبدل أبي جمله الأبرق بنخيل السكري الشامخات.. وكنت هناك.. ومع هذه.. امرأة تأخذ وتعطي.. تحلم وتحقق..

حين سلم يدي والدي إلى يد رجل آخر..

قال له.. هذه بنت رجال وأخت رجال.. فكن لها مثلما كنا لها..

** وكان..

لم أجدني يوماً.. في مكانة أدنى من تلك التي كنتها في دفء أبي وحنو إخوتي..!

** لكنني حين تجاوزت الأحلام بي مداها..

وحين صارت النجمات العاليات مدار آفاقي..

صرت أتعثر بالحواجز.. تحولت نون النسوة في طريقي إلى سدود منيعة..

** وحين خالطت النسوة من مشارب متعددة.. صرت أضيق بالعبرات والبكاء وظلم الرجال.. وكدت أطالب بحذف نون النسوة من اللغة العربية!!

** وحين أكتب.. فأنا لا أتحدث عن حالي الخاصة.. وإلا لكتبت قصائد التبجيل والحب والتقدير لكل الرجال الذين شكلوا حياتي بدءاً بالأب ومروراً بالأشقاء وانتهاءً بالزوج.

رجال يستحقون أن أخرج لهم بالقصائد والمعلقات.. لكن.. المسألة ليست خاصة.. هي قضية عامة.. وليست اجتماعية ومرتبطة بتفكير الرجل.. إنها ثقافة متربصة، تنقض على الضعيفات فتلتهم منهن كل قدرات وطاقات المقاومة.. وتجعلهن يستحلن إلى نسوة خاضعات لقانون لا وجود له، لكنه اكتسب وجوده وقوته من عموميته وانتشاره والخوف من الوقوف في وجهه.

** لقد كانت جداتنا في الصحاري وفي المزارع خير حال من كثير من النساء في وقتنا الحاضر.

ثمة نساء كثيرات يعملن وينجبن ويعشن ويمرضن ويمتن دون أن يعرفن الشعور بالاعتزاز بالذات، والإحساس بالقيمة الإنسانية المجردة كونهن بشراً خلقهن الله وفضلهن على سائر مخلوقاته.

إنهن يعشن ويمتن وهن يدرن بفلك الرجل لا يبتسمن للحياة إلا بقدر ما يبتسم لهن.. إنهن معاً حزينات!!

** إنهن حقاً بحاجة لمن يرشدهن نفسياً.. كي يعشن الحياة ويبتسمن لها لأنها تستحق منهن ابتسامة..

** إنهن بحاجة لمن يتبنى قضاياهن ويحاول أن يعدل من القوانين والضوابط التي تجعلهن في أسر رجال لا يستحقون أن يكونوا أزواجاً أو آباء!

** مؤلم أن تتحدث عن النساء وكأنهن أجيرات عند هؤلاء ينتظرن الرحمة والتدخل من الآخرين لإنقاذهن..

لقد خلق الله المرأة.. عزيزة.. قوية بإنسانيتها تهب نسغ روحها لأطفالها الذين يصبحون فيما بعد رجالاً.. قد يهبونها من عزتهم التي هي أصلاً عزتها وقد يمتنعون!

** (إهداء لكل القراء الذين يتساءلون عن سر اجتهادي في الحديث عن معاناة النساء وعلاقتي بنون النسوة).



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5105 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد