«الجزيرة» - عبدالعزيز السحيمي
كشف عضو اللجنة الفنية لإعداد نظام الرهن العقاري المحامي عبدالعزيز القاسم أن النظام في إطاره العام يمثل منظومة متكاملة تتكون من خمسة أنظمة قدمتها وزارة المالية للمجلس الاقتصادي الأعلى والتي تهدف لإيجاد آلية قانونية وتنظيمية لتمويل المساكن عن طريق القطاع الخاص وبدعم من الدولة يوجه لغير القادرين وذوي الدخل المحدود من خلال منتجات متوافقة مع الشريعة.
وقال القاسم في تصريح (الجزيرة): إن صدور النظام بات قريباً بعد أن فرغت عدة جهات من مراحل دراسته الأولية موضحاً في هذا الجانب أن هيئة من الخبراء تعمل حالياً على دراسة النظام من كل جوانبه تمهيداً لصدوره.
وأضاف أن الأنظمة التي يتكون منها النظام عالجت عدداً من العقبات القانونية التي تقيد انطلاق سوق التمويل العقاري والتي من بينها عملية تنظيم الترخيص لشركات التمويل والبنوك لمزاولة تملك المساكن وطريقة التمويل بجانب إيجاد آلية قانونية متوافقة مع الشريعة لتداول الأصول المالية للتمويل.
وقال: إن من العقبات التي عالجها النظام إجراءات التعامل مع حالات التعثر في السداد حيث تم وضع آلية للتميز بين المتعثر المماطل وبين المعسر البريس بحيث يستطيع القضاء كشف المتلاعبين وردعهم وحماية المفلسين الأبرياء.
وأوضح القاسم أن تأثير صدور نظام سيظهر تدريجياً في سوق العقار من خلال تسارع العرض في سوق الإسكان وتنويع منتجاته بما يتلاءم مع احتياجات مختلف الشرائع مبيناً في هذا الجانب أن النظام سيصل إلى ذروته حين يكون قسط تملك المسكن قريباً من قسط الأجرة متوقعاً حدوث ذلك خلال السنوات القليلة القادمة والتي قال إنها لن تتجاوز الأربع أو خمس سنوات.
هيكلة العرض الإسكاني
وبيّن القاسم أن أهم آثار النظام تتمثل في إعادة هيكلة العرض الإسكاني حيث سيركز إنتاج الوحدات الإسكانية على الشرائح التي لا يخدمها السوق حالياً. وقال: إن أنظمة التمويل العقاري تعالج مدة السداد ونوعية العرض ولكنها لا تأثر على تكلفة المسكن موضحاً في هذا الخصوص أن الدراسات أشارت إلى أن ارتفاع تكلفة المسكن في المملكة سببها تكلفة الأرض ومساحة المسكن.
واستبعد القاسم أن يكون لأزمة الرهن العقاري الأمريكي أثر في تأخير صدور أنظمة الرهن العقاري بالمملكة، مشيراً إلى اختلاف الأنظمة في البلدين وتأثيراتها على السوق العقاري. يذكر أن مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين قد وافق على صدور نظام الرهن العقاري وعجل بإصداره لحل مشكلة توفر المسكن وهي القضية التي تأثر بها عدد كبير من المواطنين أصحاب الدخل المتوسط والمحدود.
نظام فرض الواقع الاقتصادي
من جانبه أوضح المحامي والمستشار القانوني عبد الرحمن القحطاني أن إصدار نظام الرهن العقاري تفرضه المتطلبات الاقتصادية لما له من دور مهم في زيادة التنمية العقارية بالمملكة.
وقال: إن العمل بالرهن العقاري كان يمارس وهناك جهات رسمية تقوم برهن العقار مثل صندوق التنمية العقاري والبنك الزراعي، وأنه يهمش على صك ملكية العقار بواسطة كتابة العدل بما يفيد الرهن، وقد يكون الرهن على الأرض وما عليها من مبانٍ، وقد يتضمن صراحة ما سيقام عليها مستقبلاً من مبانٍ.
وأضاف: لقد أجاز الأمر الملكي الصادر في عام 1390هـ توثيق عقود قروض البنوك ورهن العقار لصالح البنوك من قبل المحاكم وكتاب العدل، إلا إذا كانت هذه العقود تنص صراحة على شرط الفائدة.
مشيراً إلى أن العمل استمر بهذا الأمر لمدة تزيد على عشر سنوات، ولم تواجه البنوك خلالها مشاكل في تسجيل الرهون، حيث تكتفي جهات التوثيق بخطاب من البنك لطلب الرهن وموافقة العقار.
موضحاً أن الوضع تغير منذ 1401هـ حيث صدر قرار من مجلس القضاء الأعلى ينص على أنه (لا يجوز للدوائر الشرعية من محاكم وكتاب عدل توثيق رهانات قروض البنوك التجارية التي تأخذ عليها هذه البنوك فائدة من المقترض، حيث تحقق لدى المجلس أنها قروض ربوية).
وقد أدى هذا القرار إلى امتناع كتاب العدل من توثيق الرهون العقارية لصالح البنوك، وتحايلاً على الوضع السائد في هذه الفترة اضطرت البنوك إلى الحصول على صك الأرض من العميل والحصول منه على إقرار بأن الأرض مرهونة لصالح البنك كضمان للقرض المقدم من البنك، مشيراً إلى أن هذه الحالة لها مخاطر كبيرة على البنك، مما دعا البنوك بمطالبة عملائها بإفراغ صك الأرض باسم البنك أو باسم أحد موظفيها وفي هذا أيضاً مخاطرة.
بيع الخيار
وأضاف القحطاني: لقد اتخذت البنوك طريقة أخرى بما يسمى (بيع الخيار) حيث تحدد مدة يكون للمشتري حق رد المبيع لكن بعد انتهاء مدة الخيار يكون العقد ملزماً له. وفي هذا الحالة فإن للعميل سيئ النية الفرصة للمماطلة في سداد الدين حتى انتهاء مدة الخيار، ثم يطالب البنك بسداد قيمة العقار على أنه بيع خيار وليس رهنا.
وقال: في ظل الوضع القائم للرهن العقاري في المملكة أصبح هناك حاجة ماسة لوجود نظام للرهن العقاري يتماشى مع التطورات الاقتصادية المحلية والدولية، كما أن انضمام المملكة مؤخراً لمنظمة التجارة العالمية يعني تفعيل وتحديث الأنظمة المتعلقة والمرتبطة بالرهن، وضرورة التعاون بين الجهات الحكومية مثل وزارة العدل ووزارة التجارة ومؤسسة النقد للرقابة وتنفيذ نظام الرهن العقاري في حالة صدوره بما يتماشى مع مصالح أطراف العلاقة.
وقال: حيث إن الصورة السائدة في الرهن العقاري أن يكون بضمان رهن العقار رهناً رسمياً ويطلق عليه اسم (الرهن العقاري) ويكون هناك جهات اعتبارية خاصة وحكومية يسميها النظام تمارس نشاط الإقراض العقاري، وفي هذه الحالة فإن اتفاق الإقراض العقاري يكون بين ثلاثة أطراف هم المقرض والمقترض وبائع العقار على أن يتضمن الاتفاق عدداً من الشروط كالاتفاق بين بائع العقار والمقترض في شأن هذا البيع بما في ذلك بيان العقار وثمنه، ومقدار القرض وملحقاته والعائد المتفق عليه وشروط الوفاء بها، التزام المقترض بسداد قيمة القرض مباشرة إلى البائع، ما يفيد وفاء المقترض بالفرق بين قيمة القرض وثمن البيع، والتزام البائع بتسجيل العقار باسم المقترض خالياً من أية حقوق عينية للغير، والالتزام برهن العقار لصالح المقترض رهناً رسمياً للوفاء بالقرض.
وفي هذه الحالة لا يجوز للمقترض التصرف في العقار بالبيع أو الهبة أو إيجاره أو غيرهما أو ترتيب أي حق عيني عليه إلا بموافقة المقرض وبشرط أن يقبل المتصرف إليه الالتزامات المترتبة على المقترض من عقد القرض.
البنوك والشركات التمويلية
وأوضح القحطاني أننا نرى المستفيد من نظام الرهن العقاري هم البنوك والشركات التمويلية والعقارية مما يتطلب على الجهة المشرعة للنظام أن تأخذ في الاعتبار الطمع والجشع الذي ستقوم به هذه الجهات في حالة إقرار نظام الرهن العقاري وسيكون المواطن في هذه الحالة هو المتضرر من جراء الشروط والأحكام الإذعانية التي ستضعها هذه الجهات ولضمان حقها والمبالغة في تقدير قيمة العقار أو القرض العقاري من أجل الحصول على أرباح قد تصل إلى (100%) على مدى سنوات سداد المقترض لقيمة القرض العقاري، الأمر الذي يتطلب من الجهة المشرعة أن تضع حداً أعلى لنسبة القرض العقاري وتكون محددة وشاملة لجميع السنوات المقررة لسداد هذا القرض.