أعلنت دراسة صحفية أمريكية غير منحازة إلى أن الرئيس بوش ومساعديه الرئيسيين قد كذبوا على الشعب الأمريكي 935 مرة منذ إعلان الحرب على العراق، وتتمثل تلك الأكاذيب بتقديم معلومات أو الإدلاء بتصاريح تخالف الحقيقة.. وتأتي هذه التصاريح الموجهة للشعب الأمريكي ضمن الحملات الإعلامية المكثفة لإقناع الأمة بخطورة صدام على استقرار منطقة الخليج الحيوية، وتهيئة الأمريكيين لقبول الإجراءات العسكرية التي تتخذها القيادة العسكرية للتعامل مع هذا الخطر المزعوم، والترويج لمشروعية شن الحرب على العراق..
ومن بين الأكاذيب التي روجها له صقور الإدارة الأمريكية تكرار القول بأن صدام يملك أو يطور أسلحة دمار شامل، وأنه على علاقة قوية مع تنظيم القاعدة الإرهابي..
ومن المعروف أن تلك الأكاذيب قد انكشفت بعد دخول القوات الأمريكية عندما نبشت أمريكا كل بيت ومصنع ومستودع في العراق، وفتشت كل مستودعات الجيش العراقي، واستخدمت كل آلاتها وتقنياتها المتطورة ولم تجد شيئاً.
ولأن الكذب من فنون السياسة وآلياتها، فقد يجد المتابع شيئاً من التبرير لبعض تلك الأكاذيب؛ لكن المثير للدهشة والحيرة هو مجاراة الإعلام الأمريكي لتلك الأكاذيب، ومشاركة الإعلاميين والصحافيين في تلك الحملة الكاذبة، وغض الطرف عن أكاذيب الرئيس وأعوانه؛ حيث أشارت الدراسة المشار إليها أن معظم وسائل الإعلام الأمريكية لم تكن أمينة، ولم تمارس دورها في التحقق من صحة المزاعم، ولم تحاول كشف الأكاذيب في حينها..
والأدهى من ذلك بحسب الدراسة أن بعض المسؤولين الإعلاميين سواء في الصحف أو في وكالات الأنباء الأمريكية اعترفوا بأن تغطيتهم لتصريحات الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني، ووزير دفاعه رامسفيلد، ووزيرة خارجيته كونداليزا رايس وغيرهم من مؤيدي إسرائيل لم تخضع للفحص والتدقيق..
وإذا كان هذا الكذب السياسي قد كلف الشعب الأمريكي الشيء الكثير، فإننا معشر العرب والمسلمين أكثر تضرراً بعد أن رأينا ما حل بالعراق من دمار لبنيته التحتية، وخراب لوحدته السياسية، وما حل بدول المنطقة من الانقسامات السياسية..
وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد كذبت على شعبها إلى هذا الحد؛ فكم يا ترى كذبت على الشعوب المسكينة الأخرى، وخصوصاً علينا نحن العرب الذين تتوالى علينا المبادرات والوعود الأمريكية بحل قضية فلسطين، وتزداد علينا وتيرة النصائح والتحذيرات الأمريكية من جارتنا إيران التي تقود أمريكا عليها حملة عالمية ظالمة لأن تنامي قوتها يزعج مدللتها إسرائيل..
وهل آن الأوان لكي نراجع ثقتنا في الأقاويل المعسولة للمسؤولين الأمريكيين وحلفائهم بشأن قضايانا؟ وهل نصدق تباكيهم على مصالحنا ومستقبلنا؟ وهل نثق بحسن نواياهم ونقبل ما يسوقونه لنا من مبررات لتسويق أسلحتهم التي يبيعونها لنا بحجة حرصهم على زيادة قوتنا بشرط ألا نفكر في استخدامها ضد إسرائيل!