قرأنا عضو سابق في (الشورى) يقترح إنشاء شركات مساهمة تتولى مسؤولية العمالة الوافدة
عن تأخرات تنفيذ الكثير من المشاريع الحكومية، رغم رصد المبالغ اللازمة لها في الميزانية منذ سنوات، بسبب عدم قدرة بعض المقاولين السعوديين على الإنجاز في الوقت المناسب، مما اضطر بعض الوزارات لسحب عدد من المشاريع من مقاولين تأخروا في التنفيذ. لا يختلف اثنان في أن المواطن مع المقاول السعودي، وفي نفس الوقت يريد أن يرى المشروعات التي اعتمدت في الميزانية بالسرعة والدقة المطلوبة، بدلاً من الانتظار سنوات طويلة (لعيون المقاول السعودي) الذي لا ينفذ المشروع كما يجب، فالكثير من الجهات الحكومية كانت ضحية لمشاريع نُفذت بطريقة رديئة، ودفع للصيانة مبالغ فاقت قيمة التنفيذ، وبعض الطرق السريعة التي أُعيد صيانتها وسفلتتها من مقاولين سعوديين نُفذت بطريقة أسوأ من حالها السابق دون صيانة، فوصل تنفيذ بعض الطرق إلى أن يسقط كأس الماء لو وضعته على طبلون السيارة، فتشعر وأنت تسير في الطريق وكأنك تسير سالكاً طريق روضه نورة، أو روضة خريم الترابي بسبب (البطانيج)، ورغم أن العقد قد نصَّ على التنفيذ بمستوى عالٍ من الجودة، ومع ذلك يتم تسلُّمه، فالمقاول يعلم أنه لن يتعرض إلا لغرامة قليلة لا تذكر، مما يجعله لا يطبق المواصفات المطلوبة، ولنقارن مشاريع نفذت من شركات أجنبية كطريق الرياض سدير القديم، وكيف لا يزال متيناً ولم يحتج إلا لقليل من الصيانة، رغم مرور أكثر من ثلاثين عاماً على تنفيذه، ولنشاهد طريق الرياض - سدير - القصيم السريع الذي نفذته شركات وطنية ولم يمضِ على تنفيذه سنوات قليلة، وكيف عرض إلى الصيانة أكثر من مرة؟! من منكم يذكر كيف كانت الشركات الكورية تنفذ مشاريع الصرف الصحي، والطرق لدينا قبل سنوات، هل تأخرت أو ظهرت عيوب في مشاريعها؟
وفي المقابل نرى أن بعض المشاريع التي تتم ترسيتها على مقاولين سعوديين يوقِّعون عقوداً مع منشآت صغيرة ومتوسطة في قطاع المقاولات من الباطن مما يوجد بعد ذلك تعقيدات للمشروع بسبب نقص العمالة والمعدات لديها بشكل يعوق تنفيذها للمشاريع الكبيرة، أو حتى يتحججوا بالتأخير بسبب ارتفاع مواد البناء.
لقد اعتمدت في ميزانيات الدولة الكثير من مشاريع البني التحتية والتعليمية والصحية ومشاريع الطرق والإسكان في العديد من مناطق المملكة، فهل لدينا من المقاولين السعوديين القادرين والمؤهلين للقيام بذلك؟ ورغم علمنا أن قطاع المقاولات السعودي قطاع نامٍ ووجود شركات قوية، إلا أن كثرة المشاريع في الميزانية لا يجب أن يجعلنا ننتظر سنوات لأجل عيون المقاول السعودي، وهو غير قادر على استيعاب كل هذه المشاريع، أو حتى إنجازها بالجودة المطلوبة مقارنةً بالشركات الأجنبية، ولا يجب أن تجرفنا عاطفتنا في قبول المقاول السعودي لننتظر إنشاء المدارس والمستشفيات والطرق والمدن الصناعية حتى تنتهي معداته من مشاريع أخرى، ويظل الاستعانة بالشركات الكورية والصينية أمراً ملحاً أكثر من أي وقت مضى، ونجاح تلك الشركات في مشاريع الطفرة الأولى يجعلنا نطالب بها، إضافة إلى ضمان عودة العمالة تلك الشركات بعد الانتهاء من المشروع، بدلاً من استقدام المئات من العمالة بحجة وجود مشروع جديد من قبل بعض الشركات الوطنية، وبمجرد إنهاء المشروع تسرح العمالة في السوق دون ضابط أو رابط!!
ان المناقصات التي تطرح في السوق يتقدم لها عدد كبير من المقاولين المؤهلين لتنفيذها، وعندما يتم الاطلاع على إمكاناتهم يتضح قدرتهم على التنفيذ، إلا أنهم ولمجرد الفوز بالمشروع، فإنهم يسلمونه بالباطن إلى مؤسسات ضعيفة تستعين بعمالة وافدة غير نظامية لا تنفذ المشروع بالجودة المطلوبة وفي الوقت المحدد، بعد أن يستقدموا المئات من العمالة لأجل هذا المشروع!!
وما زلنا نقرأ عن مطالبة الغرف التجارية بمساواة المقاول السعودي مع الأجنبي من حيث التسهيلات، معللين أن المقاول الأجنبي يتمتع بتسهيلات من وزارة العمل والجمارك تجعل منافسته للمقاول السعودي غير عادلة، رغم أن المقاول الأجنبي يتحمل شحن المعدات والمواد ويواجه صعوبة في سكن عمالة، أو توفير المواد من السوق بسبب عدم معرفته بالسوق، وهذا ما لا نجده مع بعض المقاولين السعوديين الذين يستخدمون براميل البلدية كعلامات تحذيرية أمام الحفريات التي ينفذونها، أو لا ينفذون المشروع حسب المواصفات لانهم يعلمون أنه سيتم تسلُّمه بعد غرامة (تافه) لا تذكر. إننا مع المقاول السعودي، إذا نفذ المشاريع حسب المواصفات والدقة والوقت المطلوب، أما إذا كان عكس ذلك فمرحباً ألف مرة بغيره حتى لو كان أجنبياً.