تم الإعلان عن تأسيس المجلس الأعلى للأسرة السعودية في يناير 2006م, على اعتباره مرجعية أساسية للأسرة والمسؤول الأول عن أمنها الغذائي والاجتماعي والاقتصادي.
وبحسب القرار آنذاك يختص المجلس بوضع سياسات واستراتيجيات الخطط المستقبلية للأسرة، قبل أن يعطي الصلاحية للأجهزة التنفيذية بتنفيذ هذه السياسات، لما يخدم أمن ومصالح الأسرة، حيث ستشترك كافة الدوائر والوزارات الخدمية بتنفيذ استراتيجية المجلس. وقد أشاد القرار وقتها بالدور الكبير الذي تلعبه المرأة في حركة التنمية القائمة في البلاد، وعليه فسوف يكون لها تمثيل كبير في المجلس من خلال وجودها في الهيئة العامة للمجلس، التي ستلعب دوراً كبيراً في مسيرة المجلس من خلال تقديم المقترحات ومتابعة سير عمل المجلس.
كما تم الإعلان لاحقاً عن أن المجلس سيتضمن ممثلين عن 9 جهات حكومية، بينها وزارات الشؤون الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم العالي والعمل والداخلية والاقتصاد والتخطيط، بالإضافة إلى الإعلام، وأن عدداً من اللجان سوف تنبثق من المجلس الجديد لحل بعض الإشكالات المتعلقة بحقوق المرأة في التعليم والعمل وحقوق الطفل، إضافة إلى بحث ظواهر البطالة لدى بعض الشباب والخريجين، من خلال استقلالية تامة عن باقي الأجهزة، وسوف تتم إدارته بواسطة أمين عام سيتم تعيينه.
ولأن الإعلان عن المجلس قد أتم عامين كاملين إلى الآن، ولم نشهد له أثراً محسوساً على أرض الواقع، على حين أن الواقع نفسه بات بحاجة ملحة لدور هذا المجلس على العديد من الأصعدة، التي من أبرزها وضع الاستراتيجيات ورسم السياسة العامة فيما يتعلق بشؤون الأسرة بما يتفق مع استراتيجية الدولة للتنمية البشرية، والتنسيق بين مختلف القطاعات الرسمية والأهلية المعنية بشؤون الأمومة والطفولة بهدف إيجاد التوازن والتكامل المطلوب بين هذه القطاعات، أيضا باتت الحاجة ملحة لنشر الوعي الاجتماعي بقضايا وحاجات ومشاكل الأمومة والطفولة لتشكيل رأي عام مساند لقضايا الأسرة.
هذا ما يتعلق بالأمر على المستوى المحلي. عالمياً المجلس الأعلى للأسرة من الممكن أن يمثل مرجعية واضحة ومحددة لتطوير وتوثيق العلاقات مع الدول والهيئات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية الحكومية والتطوعية للاستفادة من كل ما من شأنه إنجاح الاستراتيجية الوطنية للأسرة.
أيضا نأمل أن يقوم المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالتنسيق مع المؤسسة العدلية فيما يتعلق ببلورة وصياغة قوانين الأحوال الشخصية (عبر لجان شرعية مختصة)، ولاسيما تلك القوانين الخاصة بمنع العنف ضد المرأة والطفل، وتحديد السن المسموح به للزواج بالنسبة للفتيات, أو وضع الضوابط الصارمة فيما يتعلق بأمور الحضانة والنفقة.
هناك قوائم طويلة من المتطلبات بانتظار المجلس الأعلى للأسرة، ولأن الذي يرأسه سمو ولي العهد حفظه الله، فإننا نتفاءل بأن يجد طريقه السريع نحو الفاعلية والتنفيذ الميداني، ولاسيما أن هناك العديد من المجالس الأسرية المنتجة والفاعلة على المستوى العالمي والعربي.