استيقظت فإذا بها في فضاء فسيح...
البيوت كما غرسات الشجر التي للتو خرجت ببتلاتها عن الأرض...
الهواء منعش للغاية...
شهقَتْه كما عَطِشَةً ترتويه عروق صدرها...
سرت فيها بهجة غريبة ما لبثت أن تسللت لشفتيها فابسمت...
الحمير والدجاج والكلاب والإبل تتمخطر سائبة في الفسحة أمامها...
الصغار يتراكضون يعبثون معها... أصوات ضحكاتهم تملأ المدى...
يا لله ....
ما هذا الصباح الفاتن... وكل الذي تراه يشي بفطرة لا قيود تعتريها...
البيض يتناثر من حولها... وريش الطاووس...
الشياه تنكفيء على أطراف الغراس الخضراء تأكل في دعة...
الديكة تتصايح...
آه ثمة ملائكة تتطوَّف بلا ريب...
رحمات الفطرة تبذر في رئتيها إكسيراً من النقاء...
أهذا بيتي...؟
تتسلل إليه عن بابه الخلفي...
تتفاوت قدماها موطئ الخطوة... فالدجاجات البيضاء والسوداء تراوح دعساتها...
أجل إنَّه هو...
هذه أريكتي التي أجلس إليها حين فكرة...
وذلك إناء القهوة معد بأبخرته تتصاعد للسقف تعطر الأجواء بهاله وبُنِّه...
كتابي الذي لم أنته بعد من صفحاته المئة إذ فاجأتني شخوصه بوعكة البطل...
حذائي الشتوي قد بللته بالأمس زخات المطر...
أجل مقعد أبي... حين يحلم بجوار النافذة بمستقبل شاسع لصبيان الحي يتعلمون فيه السباحة شريطة أن لا يتجردوا من ملابسهم...
ناقة تتطاول بعنقها عند نافذتي...
الهرة الهاربة من نباح الكلاب تختفي تحت مقعدي...
أمي تنادي من الحجرة المجاورة...
حرَّكت رأسَها بعنوة...
كانت لا تزال في فراشها...
حين أفاقت على فضاء الطبيعة...
وحده صوت أمها الذي لم يكن حلماً...
***
مختلسة من مجموعة بين جفني الصمت... (قصص) بعيدة عن النور.