تكلم الدكتور عبدالرحمن بدوي في موسوعته - موسوعة الفلسفة - الجزء الثاني، عن الفيلسوف الإنجليزي جون لوك الذي وُلد في 29 أغسطس سنة 1632م، وتوفي في 28 أكتوبر سنة 1704م.

وما يهمنا من هذا الفيلسوف التجريبي هو ما ورد عنه في هذه الموسوعة من آراء في التربية، والتي نشرها في كتابه (أفكار في التربية) عام 1693م.

ولهذا الفيلسوف ثلاث أفكار رئيسية في التربية، وهي أنه ينبغي أن تتحكم في تربية الطفل استعداده الفردي، وقدراته، وميوله، وليس المناهج المفروضة، أو التكرار والحفظ المفروضين بالعصا. والرأي الثاني أن هذا الفيلسوف يرى أن صحة البدن - الجسم - وتنمية الأخلاق السليمة هما في المقام الأول، ويتلوهما التحصيل العقلي. والرأي الثالث: هو - كما يراه لوك Locke - أن اللعب والنشاط الحيوي والمزاج الطبيعي عند الأطفال يجب أن تتحكم في عملية التربية والتعليم كلما كان ذلك ممكناً؛ لأنه يرى أن التعليم الإجباري مرهق، لكن حين يكون في التعليم لعب، فسيكون فيه بهجة وسرور.

ويؤكد لوك في التربية على أهمية القدوة الحسنة والممارسة العملية بدلاً من اللجوء إلى التعليمات والنصائح والقواعد والعقاب. ويعتقد هذا الفيلسوف أن القدوة الحسنة تبدأ مع الوالدين - الأبوين -، وأنه على الأبوين تجنب العقاب الشديد والضرب، وكذلك تجنب المكافآت المصطنعة. ويجب أن يكون الأطفال في صحبة أبويهم أوقاتاً طويلة، وأن يتولى هؤلاء الآباء دراسة استعدادات أطفالهم، وأن يستثمروا ميول أولادهم للحرية واللعب؛ حتى يجعلوا تعليمهم أقرب ما يكون إلى الترويح، وينبغي تشجيع حب الاستطلاع في الأطفال، وتوجيه نشاطهم الحيوي إلى أمور مفيدة خلاقة. ويجب التخلي عن معاملتهم بشدة كلما كان ذلك ممكناً. ويضيف لوك أنه كلما نما الطفل فإنه يجب أن يصاحبه نمو في الاستئناس بين الطفل وبين أبويه، بحيث يجد الوالد في ولده الناضج مؤنساً له وصديقاً، وكان يرى هذا الفيلسوف أن الحنان والصداقة وسائل وغايات في آن واحد للتربية الحسنة.

أما في التعليم فيرى لوك أنه ينبغي أن يبدأ بتعليم الطفل الكلام والقراءة للغة الخاصة، وذلك عن طريق المثل والتمرين، لا بواسطة علم النحو. وفي دراسة اللغات يرى لوك تأجيل تعلم النحو إلى أن يتعلم الإنسان أن يتكلم اللغة جيداً.

وكان يرى أيضاً وجوب تعلم لغة أجنبية حديثة في سن مبكرة. ومن الأمور اللافتة في أفكار هذا الفيلسوف أنه حث على أن يتعلم كل إنسان مهنة يدوية واحدة على الأقل.