Al Jazirah NewsPaper Monday  04/02/2008 G Issue 12912
الأثنين 27 محرم 1429   العدد  12912
مناهج الصحة النفسية

أقرأ في الجزيرة كثيراً من المقالات التي تتناول الجانب النفسي في الإنسان وأقول إن المعلومات التي فهمناها وحفظناها من المواد الدراسية التي تلقيناها طيلة أيام الدراسة، نتذكر منها أشياء ونسينا منها أشياء، لن أتحدث هنا عن المناهج الدراسية فهي لها ناسها المتخصصون الذين يرون ما هو مناسب وما هو غير مناسب، وهي في كل الأحوال مناهج مليئة كما وكيفاً. ولكن نحن كبشر لا نحتاج في تعليمنا إلى مواد علمية بحتة.. بل نحن في حاجة ماسة وخاصة في هذا الجيل للالتفات وبقوة إلى ما يخص بناء شخصيات أبنائنا الطلاب، فإعطاء معلومة وحفظها أسهل بكثير من بناء شخصية سليمة، وهذا هو المفقود في مؤسسات التعليم لدينا.

ماذا لو كانت هناك مناهج للصحة النفسية تساعد الطلاب على فهم ذواتهم وفهم التغيرات التي تطرأ عليهم وكيفية التعامل معها؟ ماذا لو كانت هناك مناهج تشرح كيفية وأهمية بناء الثقة بالنفس؟ ماذا لو كانت هناك مناهج تشرح أهمية وكيفية التواصل الاجتماعي الجيد؟ ماذا لو كانت هناك مناهج تشرح أهمية وكيفية فن الحوار؟.. ماذا لو كانت هناك مناهج تشرح أهمية وكيفية حل المشكلات ومواجهة ضغوط الحياة؟ وغير ذلك الكثير والكثير من الأمور التي يحتاجها أبناؤنا الطلاب.

نحن لسنا بحاجة إلى أدمغة تحفظ المعلومات العلمية فقط، بل نحن بحاجة إلى شخصيات بناؤها النفسي سليم، لأن الدماغ المليء بكم هائل من المعلومات إن لم يكن بداخل شخصية جيدة لن تكون تلك المعلومات القيمة ذات فائدة والواقع يشهد على ذلك.. كثير ممن تخرجوا من الجامعات وقد يكونون حاصلين على دراسات عليا يفتقدون لفن الحوار، أو يفتقدون للتواصل الاجتماعي الجيد، أو لا يستطيعون مواجهة وحل الكثير من المشكلات التي قد تحل عليهم، أو قد تكون ثقته بنفسه ضعيفة، وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بالبناء النفسي الجيد والسليم.

أعلم أن البعض قد يقول إن الأسرة هي الأساس في التربية، هذا صحيح ولكن المدرسة أيضاً لها دور فعال في التربية والتعليم، فالطلاب يمضون نصف النهار في المدرسة لسنين طويلة يتكون فيها البناء المعرفي والجسدي والنفسي والاجتماعي لديهم.. بالإضافة إلى أننا لا نستطيع أن نقنن التربية في الأسرة ولكن نستطيع أن نقنن إلى حد كبير التربية والتعليم في المدرسة ومن خلال مواد منهجية صفية موحدة.

أتمنى أن يلقى هذا الاقتراح القبول من المختصين، للبدء في وضع الفكرة الأساسية لمناهج الصحة النفسية في بعض المراحل الدراسية، كل منهج بحسب الفئات العمرية المناسبة له، بحيث تحتوي على معلومات نظرية ومهارات تطبيقية.

وفي الأخير أذكر بأننا بشر تتأثر نفسياتنا بأبسط الأمور لذا من الجيد أن ندرك ونفهم ماهية النفس البشرية قبل أن ندرك ونفهم أي علم آخر.

حصة بنت مسفر الغامدي
الإخصائية النفسية بمجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد