Al Jazirah NewsPaper Monday  04/02/2008 G Issue 12912
الأثنين 27 محرم 1429   العدد  12912
وظائف المرأة للمرأة.. ولكن متى؟
عبدالله صالح الرشيد

من المسلمات والبديهيات المألوفة ومن الحقائق المعروفة دينا وعرفا وواقعا أن النساء شقائق الرجال.. والمرأة هي الأم والزوجة والبنت والأخت ونصف المجتمع الآخر وعلى هذا فهي عماد الحياة بعد الله ومصدر نموها واستقرارها وسعادتها وهي منبع الحنان والعطف والرعاية والعناية وبناء الأسرة وقد أوصى بها نبي الأمة خيراً ونزلت في برها الآيات البينات والأحاديث الناصعة بالإنصاف والعدل، ومن هذا المنطلق الواضح والمنطق المسدد الذي لا لبس فيه ولا غموض ولا التواء ولا مكابرة اتجهت حكومتنا السنية الرشيدة أيدها الله بكل ما تملك من إمكانات مادية وسبل ميسرة على توفير العيش الكريم والحياة الحرة الشريفة للمرأة في بلادنا وأهمها توفير سبل ووسائل العلم والتعليم والعمل في حدود طاقة المرأة ومستوى مداركها، وهي قدرة أثبتت المرأة في بلادنا أنها تملك فيها المكانة المرموقة والقدر المعلى يحوطها في ذلك حصانة دينية ومكانة اجتماعية وفطرة سليمة ووعي ضربت فيه العمق بالنضوج والإدراك ومن هنا يحق لنا أن نتساءل بكل صراحة ووضوح وبدون مجاملة ولا مبالغة إلى متى ووظائف المرأة على محدوديتها يضطلع بها الرجل يزاحمها ويناكبها فيها بل ويستحوذ عليها؟ لماذا لا يترك لنصف المجتمع كله على الأقل وظائف الشطر المتعلق بتعليم البنات ونعني بها ما يختص بشؤون البنات إدارة وتدريسا وإشرافا وهي وظائف بالآلاف يستحوذ عليها الرجل في جهاز كان يسمى الرئاسة العامة لتعليم البنات وإدارات التعليم والكليات والمندوبيات والمكاتب التابعة لها.. لماذا نبخل أو نستكثر على نصف المجتمع وشقائق الرجال بهذه الوظائف المحدودة التي لا تعدو أن تكون نقطة في بحر الوظائف التي يسيطر عليها العنصر الآخر رغم كفاءة وقدرة وأحقية المرأة المواطنة المؤهلة لشغلها والتفوق في أداء واجباتها.. إن هذا الموضوع لا يحتاج إلى شرح وتطويل وفلسفة وتنظير بقدر ما هو بحاجة إلى كلمة إنصاف تقال وتترجم إلى تنفيذ بعيداً عن اللف والدوران والتأويلات الساذجة التي تظهر أحيانا كفقاعات الصابون أو غثاء وزبد السيل سرعان ما يضمر ويتلاشى.. إن بلادنا ولله الحمد من قبل ومن بعد محروسة بالأمن والأمان بعناية الرحمن، وبناتنا عنصر واعي ناضج ومتدين، لذا يجب وجوبا عدم حرمانهن من حقوقهن المشروعة وذلك بإتاحة الفرصة لهن بتخطيط مستقبلهن التعليمي بأنفسهن ونحن نبارك ونشجع ونقدم لهن الحوافز المادية والمعنوية بكل أريحية وسخاء، إنها كلمة حق صريحة ورأي نابع من القلب بدافع الإخلاص ليس إلا.. كما لا يفوتني أن أقول إن ما ذكرته سلفاً لا يتنافى ولا يتعارض مع بقاء رابطة التعاون مع الأكفاء من المسؤولين بما يحقق المصلحة المنشودة وخصوصاً في مجال التخطيط والإشراف وما دام أن للتربية والتعليم وزيراً يرعى بإنصاف وعدالة شؤون تعليم البنين والبنات على حد سواء فإلى متى نهضم أو نهمش أو نستهين بحقوق نصف الأمة وماذا يضيرنا لو أبقينا منصب نائب الوزير لشؤون تعليم البنات من نصيب امرأة حصيفة حكيمة مؤهلة وذات خبرة وكفاءة، فها هي دول مجلس التعاون المجاورة من حولنا وتربطنا بها أوثق الوشائج قد أسندت مناصب وزارية كبرى للنصف الآخر من مجتمعاتها آخرها على سبيل المثال الشقيقة سلطنة عمان حيث أسندت للمرأة ثلاث حقائب وزارية مهمة.

وما ذكرته عن وظائف المرأة والتي يجب أن تكون من خصوصيات عملها وتقوم بأعبائها ومسؤولة عنها وبالذات في جهاز تعليم البنات وفروعها وهي بالآلاف يستحوذ عليها شقيقها الرجل رغم أن المتخرجات بكافة التخصصات لا زلن -وهن بعشرات الألوف- عاطلات ومحرومات من التوظيف ولا يجدن أمامهن آلاف الفرص والمجالات كما هو مهيأ بالنسبة للرجل بجميع الوزارات والمؤسسات ومجالات العمل المختلفة وأنواع الاختيارات.. وهناك أيضا الكثير والكثير من الوظائف المهمة في وزارة الشؤون الاجتماعية والدور والمراكز التابعة لها وكذلك وزارة الصحة وفي الجامعات وغيرها تتواجد فيها وظائف إدارية وفنية متعددة بالإمكان تحويرها وإسناد أعمالها إلى المتخرجات بشتى التخصصات، فما بالك بآلاف الوظائف التي يتم التعاقد عليها من الخارج وهي عادة قديمة وعقيمة لا يستفيد منها سوى شرذمة أنانية تهرع على مدار العام باسم لجان التعاقد من معظم الوزارات غير آبهة ولا مدركة لمعاناة المحرومات من التوظيف في الداخل ولكنه الحرمان بعينه مقروناً بالشكوك والأوهام في كل ما يتعلق بالمرأة وهي حساسيات تكبر مع الزمن ويكفي الدليل على عمقها أنها ضد العدالة والإنصاف والمساواة، ونتساءل أخيرا ونقولها صريحة متى تذيب ونقضي على أشكال التمييز والإقصاء والتهميش ضد المرأة بخلاف الأمم والشعوب الأخرى؟ ومتى نزيل ركام العادات الجائرة والمهترئة التي تكبل المرأة وتهضم حقوقها وتحتقر إنسانيتها؟ والتي ينفرد بها مجتمعنا دون أمم الأرض قاطبة، مع علمنا المسبق أنها نصف المجتمع وشقيقة الرجل ولها مثل ما عليها من الحقوق والواجبات، ويا ترى ونقولها بوضوح متى نلجم تلك الأصوات النشاز التي تنادي وبكل حقد وصلف إلى حرمان المرأة من أبسط حقوقها المشروعة، خصوصاً في الوظائف والأعمال التي تؤمن لها العيش الكريم في المجالات الحكومية والأهلية المناسبة وفي مجال البيع والشراء في الأسواق والمراكز التي تختص باحتياجات المرأة وشؤون الأسرة والتي تديرها مع الأسف عمالة رجالية وافدة مدعومة ومسنودة من ضعاف النفوس ممن يقنعون بالفتات لقاء التستر والتمويه والحماية بينما المرأة المواطنة لا تجد فرصتها إن وجدت إلا في البيع على الأرصفة خارج الأسواق تحت وهج الشمس المحرقة أو البرد القارس ودوامة الغبار والأتربة.. ونتساءل هنا عن مصير الأنظمة والقرارات والتعليمات التي تفاءلنا بصدورها خيرا حول عمل المرأة في المحلات التي تعنى باحتياجات المرأة والتي حال دون تنفيذها ضعف العزيمة والإرادة مما جعلها كسابقاتها حبراً على ورق والله المستعان.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد