ما أصعب لحظات الفراق وما أقسى ساعات الرحيل هذه العبارات يتفوه بها لسان شخص عاش يوم عيده بكل أنس وسعادة.. قد تستغربون تناقض المعنى فالحزن والسعادة ضدان لا يجتمعان.. سأحكي ما يجول في خاطري وسأدون ما يدور بمخيلتي.. (يوم العيد) يوم لا نظير له ومما زاد جماله وبهائه سلامة والدي، حضوره العيد بعد أن تعرض لجلطة أصابته في منتصف شهر رمضان المبارك وتحسنت أوضاعه واستبشر الصغير والكبير بشفائه كيف لا وهو والد الجميع الذي يحمل سجلا من الأخلاق والاحترام والعطف والحنان وكان عيد هذا العام من أروع الأعياد الذي احتفلت فيه بلادنا الغالية في كل مناطق المملكة ولكن فؤادي لم يكن يعلم أن هذه الفرحة ستقضي وتموت بين أحضان السعادة وتتحول إلى دموع وآهات وأحزان.. لم أكن أعلم أنني سأتذوق مرارة البعد والرحيل بعد فرحة وحلاوة العيد السعيد.. لم أكن أعلم أن شموع السعادة ستنطفئ وتحرق قلوب المحبين لقد ضحكت كثيرا يوم العيد ولم أكن أعلم أنني سأبكي كثيرا ثاني أيام العيد وذلك عندما ودع والدي الشيخ محمد بن فهد بن سليمان البشري هذه الدنيا وفارق الحياة وتوقفت نبضات قلبه بعد أن كان مسرورا يوم عيده..
نعم.. مات والدي.. وماتت معه مشاعري وأفراحي..
مات والدي.. ونار الحزن تتأجج داخل فؤادي..
مات والدي.. وحبري يعتذر عن رصد معاناتي..
مات والدي.. والحزن زلزل بيت السعادة الذي يسكنه داخل فؤادي..
مات والدي.. فأصبحت طفلا في البكاء ليس للدموع حدود..
مات والدي.. وصوت أذانه في مسجد حارتنا يتردد في مسمعي كلما نادى مناد للصلاة..
مات والدي.. والموت باب وكل الناس داخله..
دموع رحيله غسلت ابتسامات العيد وبهجته.. في أمان الله يا والدي والفؤاد يهتز حبا وشوقا إليك..
في أمان الله يا والدي والقلوب لن تنساك حتى يتوقف عنها النبض..
رحمك الله يا والدي وأسكنك فسيح جناته وفي الجنة الملتقى بإذن الله..
فإن باعدت بيننا الدنيا ففي.. جنات عدن للأحباب مجمع..