في حديثنا عن الجمعيات واللجان التي تفرغت لحماية إسرائيل من محاسبة المجتمع الدولي عما ترتكبه من جرائم بحق الإنسانية وأن تلك الجمعيات غير المعلنة إلا أنها معروفة للجميع أصبحت بعبعاً يرعب المفكرين والكتاب والصحفيين والمؤسسات الإعلامية، ولم يمضِ على كلامنا يوم واحد، إلا وتأكد قولنا بقيام محرك البحث الشهير (غوغل - google) بحذف صور صانع ألعاب منتخب مصر لكرة القدم (محمد أبو تريكة) والتي أظهر فيها تعاطفه مع غزة من البحث عن الصور داخل الموقع العملاق الذي تمتلكه شركة أمريكية.
وخلال البحث عن صور اللاعب (أبو تريكة) في موقع (غوغل- google) (تظهر بدون الصورة التي ارتدى فيها قميصا داخليا مكتوبا عليه (تعاطفا مع غزة)، رغم أنها كانت متاحة قبل ذلك لمستخدمي البحث في الموقع.
والظاهر أن موقع البحث الشهير (غوغل) استجاب للضغوط الإسرائيلية الكبيرة التي تعرض لها لإجباره على حذف الصورة التي أظهر فيها أبو تريكة تعاطفه مع الشعب الفلسطيني في غزة عقب رفعه قميص منتخب بلاده ليظهر قميصا داخليا مكتوبا عليه (تعاطفا مع غزة) بعد تسجيله هدفا في مرمى السودان..
صورة أبو تريكة وهو يعرض عبارة (تعاطفاً مع غزة) لا تكشف أي نوع من جرائم إسرائيل ولكنها تحرك الضمير الإنساني إن كان هناك ضمير، فإسرائيل وفي شهر واحد أزهقت أرواح 96 فلسطينيا في شهر يناير الماضي، دون أن تذرف دمعة واحدة من أعضاء جمعيات الرفق بالإنسان لانشغالهم بالدفاع عن الحيوان والدعوة بالرفق به.
إذ تؤكد الإحصائيات الرسمية والحقوقية الفلسطينية أن 96 فلسطينيا قضوا برصاص وقذائف وصواريخ الاحتلال خلال الشهر المنصرم يناير، منهم 87 قضوا في قطاع غزة، كما أن 71 فلسطينيا منهم قضوا في عمليات اغتيال إثر غارات جوية، وعمليات التوغل، ليرتفع عدد ضحايا انتفاضة الأقصى التي اندلعت في الثامن والعشرين من سبتمبر 2000 إلى 5065 شهيدا وشهيدة.
وأعلنت مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان السبت أن قوات الاحتلال قتلت خلال شهر يناير الماضي 96 فلسطينيا، ومن بين الشهداء 10 أطفال ممن تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، كما استشهدت 10 مواطنات فلسطينيات غالبيتهم من قطاع غزة وفتاة من مدينة القدس المحتلة.
واعتبرت المؤسسة في تقرير لها (تلقت الجزيرة نسخة منه) أن ارتفاع عدد الشهداء في القطاع سببه عودة الاحتلال لسياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية ضد المقاومين ونشطاء الانتفاضة والشعب الفلسطيني, حيث استشهد نتيجةً لعمليات الاغتيال في يناير الماضي 71 فلسطينيا من أصل 87 في قطاع غزة، بينما استشهد نتيجة لهذه السياسة ثلاثة فلسطينيين من أصل 9 في الضفة الغربية.
وقتلت قوات الاحتلال الهمجي خلال 72 ساعة فقط 31 فلسطينيا، وفي اليوم الثاني من الشهر الماضي قتلت قوات الاحتلال سبعة فلسطينيين، وفي اليوم الثالث، تسعة، وفي اليوم السادس ستة، وفي اليوم الخامس عشر من الشهر المنصرم قتلت قوات الاحتلال 17 فلسطينيا، وفي اليوم السادس عشر قتلت ستة فلسطينيين، وفي اليوم السابع عشر قتلت ثمانية فلسطينيين، وفي يوم الخامس والعشرين قتلت قوات الاحتلال سبعة فلسطينيين.
ويعتبر شهر يناير المنصرم أكثر الأشهر دموية منذ أكثر من عام، مقارنة مع عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال العام الماضي.
هذه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الإنسانية والتي لا يلاحقها أحد بل تشجع على ذلك من خلال تصوير أفعالها بأنها (دفاع عن النفس) في حين يمنع أي عمل أو إجراء يراد منه رفع الغشاوة عن الضمير الإنساني.
jaser@al-jazirah.com.sa