غني عن القول أن ما يُطلق عليه بروتوكولات حكماء بني صهيون، هو تخطيط خطير تفتق عنه الذهن الصهيوني للسيطرة على العالم وبناء مملكة صهيون الكبرى.. والهدف المحدد لتلك الخطة هو تدمير الفكر البشري غير الصهيوني من خلال ضرب الأديان من الداخل تارة، ومن الخارج تارة، وتعطيل علماء الأديان الأخرى من تأدية رسالتهم، ووقف تأثيرهم على معتنقي تلك الأديان.
أما السياسة فتقرر تلك البروتوكولات تدميرها من خلال وسائل عديدة من أهمها إشغال الساسة بمشاكل داخلية تعيق تقدمهم وتشتت جهودهم، ومن ثم السيطرة عليهم وعلى قراراتهم التي يجب أن تكون متماشية مع أهداف البروتوكولات السرية، أما المفكرون والمثقفون فيمكن إشغالهم بابتكار نظريات وشعارات يسبحون في بحرها الذي لا شاطئ له..
أما الدهماء فمن السهل إشغالهم بشعارات وهمية مثل المطالبة بالحرية والمساواة والعدل، مع اعتراف حكماء بني صهيون أن تلك الشعارات لا يمكن الوصول إليها لأن طبيعة الحياة البشرية لا يمكن أن تتحقق فيها المثالية المطلقة بسبب طبيعة البشر التي خلق الله الناس عليها، وفضل بعضهم على بعض، وجعل الشر والخير قطبان يتصارعان إلى يوم القيامة.
ولم تكتفِ البروتوكولات بذلك بل أكدت على إشغال الجماهير بالمسليات والمسابقات، حيث جاء في البروتوكول الثالث من بروتوكولات مخططي بني صهيون ما نقتطف منه: (.... ولكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها وما أمامها، ولا ما يُراد بها؛ فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانهم بإنشاء وسائل المباهج، والمسليات، والألعاب المليئة بالمرح، وضروب أشكال الرياضة واللهو، وما به الغذاء لملذاتها وشهواتها....إلخ).
وينقل د. مصطفى محمود في كتابه (وبدأ العد التنازلي) مقتطفات من خطاب الحاخام عمانويل رابينوفتش الذي ألقاه في المؤتمر اليهودي الاستثنائي المنعقد في بودابست سنة 1952م، ومن ذلك قوله: (... لا خوف من ظهور الوعي المضاد عند الشباب، فإن الشباب يمكننا إغراقه بالمخدرات والجنس واللهو والفن الداعر والأفكار المتطرفة، ويمكننا تمزيقه وتشتيته في المتاهة الخلافية، فلا يعود يجتمع اثنان على رأي.. ثم نضرب الطبقات بعضها ببعض ونثير الفقير على الغني والخادم على مخدومه، والمرؤوس على رئيسه، ونثير الفتن بين الدول، ونوسع شقة الخلاف بينها، ونثير الخوف عند كل طرف من الآخر).
ولا أعتقد أن ما نشاهده هذه الأيام من توجه عارم إلى إقامة مسابقات متنوعة ومبتكرة قد ورد النص عليه في تلك البروتوكولات؛ لكن تلك الظواهر والمبالغة في الإعداد لها وجذب الجماهير إليها على النحو الذي وصلت إليه الحال، أمور قد تخدم أهداف واضعي تلك البروتوكولات أكثر مما كان يطمح إليه دهاة بني صهيون، ويحقق لهم أكثر مما كانوا يخططون له.