ليس بين الإسلام والغرب عداء دائم أو مطلق، كما يزعم ذلك بعض أعداء الإسلام، أو كما تحاول الصهيونية العالمية ومن سار في ركابها أن توهم الناس به خدمة لمصالحها.
***
* غير أن هناك اختلافاً في الرؤية والرأي بين القطبين لم يَحُلْ في يوم من الأيام دون قيام قدر من التعايش السلمي والاحترام المشترك وتبادل المنافع بين الطرفين. أما ما يفعله السفهاء من المسلمين فليس في تقديري من الإسلام في شيء، وباطل أن يزر المسلمون أو غير المسلمين وزر ما يفعله سُفهاؤهم. أينما كانوا!
***
* ثم جاءت كارثة الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتحدث موجة من الاهتزازات في المواقف وتخلط كثيراً من الأوراق على كل المستويات، فظن بعض شعوب الغرب أنهم مستهدفون من لدن المسلمين باسم الإسلام. واستثمر العدو الصهيوني وأنصاره هذا الموقف، فراحوا يشعلون حرائق الرأي تأليباً على المسلمين، واستعداء لهم ليتستّروا بذلك على آثام إسرائيل وفضائحها في تعاملها مع الشأن الفلسطيني، إنساناً وسلطة وأرضاً!
***
* وعلى الصعيد الآخر، ظن بعض المسلمين، بفعل ردة الفعل العنيفة القادمة من الطرف الآخر، أن الإسلام مستهدف بالقول والعمل، وراحوا يزيّنون لأنفسهم ما يظنون ويفعلون!
***
* والحقيقة أن أحداث سبتمبر كانت زلزالاً أربك كثيراً من معادلات الفهم والتعايش بين المسلمين والغرب، وهزّت كثيراً من موازين الرأي في الشرق والغرب، وبدا لبعض الناس في كلا الجهتين أن العداء قائم بينهما، وأن العنف والعنف المضاد هو الحل لحسمه، ليظهر هذا الفريق أو ذاك على الآخر.
***
* الحل الذي أراه هو أن الشرخ الذي أحدثه الحادي عشر من سبتمبر في النفوس والعقول لا يمكن ردمه بين يوم وليلة، وأنه لا بد للغرب من التفريق بين مبادئ الإسلام الخالد ونصوصه وفضائله وبين ما يفعله بعض المنتسبين إليه باسمه جهلاً أو اجتهاداً، وأن التفاهم عبر التواصل والحوار بين الطرفين سيزيل من الأنفس ما علق بها، وينقّي العقول من شوائب سوء الفهم، وهذا يتطلب جهداً شاقاً ومتواصلاً من لدن (انتلجنسيا) الطرفين وصولاً إلى الفهم المنشود، ناهيك عما يجب أن تفعله الحكومات المعنية نفسها، بما يؤكد هذا التواصل ويغذّيه، ولا يتناقض معه.
***
* كنت وما برحت أكنّ للإنسان الأمريكي احتراماً، فقد عشت على أرضه أجمل سنين عمري، وقطفت من حقوله المعارف والمواقف والخبرات التي شكّلت مني مشروع (إنسان سوي).. يحب أرضه الأم، ويحلم بخدمتها العمر كله!
***
* وجاء الحادي عشر من سبتمبر، وجاء معه طوفان من الكلام المكتوب والمسموع، ونشأ في نفسي بادئ الأمر موقف من (الغيظ) إزاء من حاولوا تشويه سمعة بلادي بوصمة الإرهاب.. لكنني في الوقت نفسه لم أفقد ثقتي في أننا جميعاً - سعوديون وأمريكيون- سنتجاوز حاجز (سوء الفهم) الذي نصبته أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكادت تؤثر سلباً فيما تم إنجازه بين البلدين والشعبين عبر ستة عقود من الزمن.. والآن.. وبعد مرور نحو سبع سنوات سمان بالأحداث منذ كارثة سبتمبر، أقول وبكل ثقة إن الشمس ستشرق من جديد بإذن الله لتذيب ما علق بالنفوس من جليد سوء الفهم بين البلدين والشعبين!
***
* وقفة صمت:
* الصمت لغة لا سكون، وهو أحياناً أبلغ تعبيراً من لغة الكلام، خصوصاً بين المحبين، وهو بعد ذلك كله البديل المفضل حين تفشل مهمة الكلام، وأفضل حسنات الصمت أنه قد يرغم الطرف العاقل في نزاع ما على الإمساك عن الكلام غير المباح كيلا تزداد جبهة الخصام اشتعالاً!!