لا يجوز أحبتي الإقدام والتعبير للرؤيا دون علم ولا دراية ولذا قال ابن حجر رحمه الله: (لا ينبغي أن يتكلم فيها -أي في التعبير- بغير علم). (فتح الباري 12-450).
وذكر الإمام ابن سعدي كلاماً نفيساً في تفسيره حيث قال: (وأن تعبير الرؤيا داخل في الفتوى لقوله للفتيين: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان)، وقال الملك:{يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} وقال الفتى ليوسف: {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ} فلا يجوز الإقدام على تعبير الرؤيا من غير علم.. وعلم التعبير داخل في الفتوى فلا يحل لأحد أن يجزم بالتعبير قبل أن يعرف ذلك كما ليس له أن يفتي في الأحكام بغير علم لأن الله سماها فتوى في هذه السورة. أ.هـ. بتصرف.
وقال أبو العباس القرافي: كما في (الفروق): (ولا يعبر الرؤيا إلا من يعلمها ويحسنها وإلا فليترك. وسئل مالك - رحمه الله- أيفسر الرؤيا كل أحد؟ قال: أبا النبوة يلعب! وقيل له: أيفسرها على الخير وهي عنده على الشر لقول من يقول: الرؤيا على ما أولت؟ فقال: الرؤيا جزء من أجزاء النبوة أفيتلاعب بأمر النبوة).
ولهذا لا يفسر الرؤيا إذاً من لا علم له فيها قال خليل بن شاهين: (ينبغي أن لا تقص الرؤيا إلا على معبر ويجب على من لا يعرف علم التعبير أن لا يعبر رؤيا أحد فإنه يأثم على ذلك لأنها كالفتوى وهي في الحقيقة علم نفيس). (الإشارات في علم العبارة 645).
لكن أخيراً أحبتي: أريد أن أنبه لكم أنه كما تقرر بأنه لا يجوز تعبير الرؤيا من غير علم إلا أنه يجوز للسائل عن رؤياه أن يتنقل في السؤال فيها، فله أن يسأل أكثر من معبر في منامه والتحقق من ذلك إن شاء فهي ليست فتوى في التنقل فيها والسؤال عنها أما الفتوى فلا يجوز فيها سؤال أكثر من مفتي تتبعاً للرخص ووقوعاً في المحظور والتزندق والنفاق المنهي عنه كما هو معلوم ومقرر، لكن الرؤيا وسؤال أكثر من معبر الأمر فيها واسع إذ هي ظنية الجواب وليست قطعية لكنها في التفسير والإقدام عليها فتوى بنص ومنطوق القرآن الكريم. والله تعالى أعلم. نسأل الله حسن المقصد وحسن العمل.