يقول بعض علماء النفس: إن الحالة النفسية تؤثر على الإدراك لذا فالشخص الجائع حينما يتجول في طرقات المدينة بحثا عن مطعم مثلا فإن ذهنه يجعله يقرأ اللوحة التي كتب عليها مطبعة على أنها مطعم، قل مثل ذلك على الاستعداد الذهني ايضا فالشخص الذي ملئ ذهنه بقصص وصور سلبية عن الحسبة ورجالها قد هيئ ذهنه بشكل تلقائي نحو إدراك الأحداث على الشكل الذي شحنها به، وهذا يفسر لك كثرة التفسيرات والتأويلات السلبية في المجالس عند ورود أي قصة يكون أحد أطرافها رجل حسبة، وكذا من استمع لكثير من هذا الكلام يخادعه ذهنه أحيانا حينما يعايش أحد المواقف مع رجل الحسبة ليراها بصورة مغايرة عن الواقع.
ذكر لي أحد المقربين أنه كان في مراجعة لإحدى الدوائر الحكومية قبيل أذان الظهر يقول حينما رفع الأذان مرت سيارة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للتنبيه على دخول وقت الصلاة يقول كان هناك مجموعة من الكتاب حول هذه الجهة يقومون بطباعة خطابات وطلبات المراجعين وفجأة ارتفعت أصواتهم فسألتهم ما الخبر!! فأجابني أحدهم بأن رجل الهيئة كان يقول لهم (صل يا كافر)!!
استغربت مثل هذا الكلام يصدر من رجل الهيئة واستنكرته فأكدت لي مجموعة من الكتاب هذا الكلام واستنكروا بقولهم هذا ليس أسلوبا في النصح!!!
كان صاحبنا من أهل التثبت ولم يقنعه مثل هذا الكلام فقال لمن ذكر له الحادثة اركب معي في سيارتي ولنذهب أنا وأنت ندرك سيارة الهيئة ونناقشهم فيما قالوا!! وبالفعل صحبني هذا الكاتب وعند توقف سيارة الهيئة سألتهم هل قلتم لهذا الأخ (صل يا كافر) قال أبدا لم نقل له مثل هذا الكلام بل الذي قلناه له (صل يا كاتب)!!
وحينها أصاب الكاتب نوبة من الخجل من موقفه وأبدى اعتذاره وانصرف.
إن انطباعاتنا واتجاهاتنا نحو الاشياء هي التي تحدد إلى حد كبير نوعية التعامل الذي نسلكه معها، لذا كان من الجدير بنا بين الفينة والأخرى مراجعة ما ترسخ في أذهاننا من قناعات وأحكام مسبقة عن الأشياء هل تم بناؤها بشكل متسق مع التعليمات الشرعية في هذا الجانب؟!! أم أننا نجعل ميولنا وأهواءنا هي التي تتحكم بسلوكياتنا وتصرفاتنا؟!!.