لقد أنعم الله عز وجل علينا في هذه البلاد بنعم عظيمة كثيرة، لا تعد ولا تحصى، خصنا الله عز وجل بها، وهي كما ذكرت كثيرة جداً، ولكن منها: أربع نعم عظيمة، تميزت بها بلادنا، وتمتعنا بها مجتمعة في مجتمعاتنا، في مقدمتها: نعمة الأمن، فقد تميزت بلادنا عن كل بلدان العالم بأمنها، صار يسير الراكب من البحر إلى الخليج، لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، قد يوجد حالات نادرة، ولكن لا عبرة بها، وقد وجد مثل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ولكننا ولله الحمد آمنون في بيوتنا، آمنون على أعراضنا، آمنون على أموالنا.
ومن النعم الأربع: نعمة يتحدى بها ويراهن عليها، إذ لا وجود لمثلها على الأرض اليوم، ألا وهي وجود ولاة أمر يحكمون شرع ربهم، ويعملون بتعاليم دينهم، المفسد يقتل، والقاتل يقص، والسفيه يؤخذ على يده، والضال يؤطر على الحق أطرا، وثم نعمة ثالثة لا تقل عن سابقتيها، وهي وجود علماء فضلاء ودعاة مخلصين شهد لهم العالم بفضلهم، واعترف لهم المنصفون بقدرهم، وأما النعمة الرابعة - أسأل الله أن يرزقنا شكرها - فهي وجود آبار النفط في بلادنا، وهي نعمة امتن الله عز وجل بها لتكون سببا لنهضة هذه البلاد وتطورها، ووسيلة لتلبية رغبات شعبها.
أربع نعم اجتمعت في بلادنا، وصرنا ننعم بها في مجمعاتنا، وقد تمناها غيرنا، بل غيرنا لو حصل له واحدة منها لصار من المغبوطين، هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ولا يجحدها إلا مكابر، ولا يغض الطرف عنها إلا صاحب هوى، أما المنصف فإنه سوف يرى هذه النعم ويحمد الله عز وجل عليها ويتمنى بقاءها، بل يبذل ما باستطاعته للحفاظ عليها، حتى لو كان من غير هذه البلاد، أي حتى لو كان وافداً، لأنها ليست لهذه البلاد فقط إنما هي لكافة المسلمين، فأمننا أمن كل مسلم، وتحكيم شرع الله أمنية كل مؤمن، ووجود العلماء المخلصين الناصحين، مطلب كل مسلم لأن وجود هؤلاء هو سر بقاء هذه الأمة ومصدر عزها وكرامتها: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }(110) سورة آل عمران.
وأما آبار النفط فها هي خيراتها شملت القريب والبعيد ووصلت القاصي والداني.
إذا أدركنا أهمية هذه النعم، وأهمية شكرها والمحافظة عليها فإننا ندرك الجريمة النكرى، والكارثة الكبرى، التي يقوم بها من جعل نفسه ألعوبة بيد أعدائنا، وصار بوقا ينفخ فيه من هب ودب من أصحاب الشهوات والشبهات، وأرباب الأفكار المنحرفة، وأتباع الأحزاب الشيطانية والمناهج الضالة، الذين ملأ الحسد والحقد قلوبهم، وتمكن الخبث واللؤم من نفوسهم، فصار همهم تجنيده لتفجير آبارنا، وقتل علمائنا، والخروج على ولاة أمرنا، وزعزعة أمننا، وتمزيق وحدتنا، وتفريق كلمتنا.
فالجدير بكل مسلم - في هذه البلاد وفي غيرها -، يتجه باليوم خمس مرات حيث القبلة، ويهفو فؤاده لتلك المشاعر المقدسة، وتشتاق روحه لتلك الأراضي الطاهرة، جدير به أن يعمل ما يستطيع ليحافظ على هذه النعم العظيمة، وأن يبذل ما يقدر عليه لتبقى دائمة سليمة.
أسأل الله أن يوزعنا شكر نعمه، وأن يحفظ لنا أمننا وولاة أمرنا وعلماءنا، وأن يجعل كيد الأعداء في نحورهم إنه سميع مجيب.
*حائل، ص.ب 3998