«الجزيرة» - بندر الايداء - وكالات
تباينت التوقعات حول القرارات التي سيخلص إليها الاجتماع الاستثنائي لدول منظمة أوبك المنعقد اليوم في العاصمة النمساوية فيينا حيث تأتي توقعات وعلى نطاق واسع بأن تقاوم منظمة أوبك دعوات الدول المستهلكة لزيادة إمدادات النفط والمدفوعة بالمخاوف من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وحلول موسم الربيع الذي يتراجع فيه الطلب في الوقت الذي لم تمنح المنظمة البلدان المستهلكة للنفط أملاً يذكر في أن تزيد الإمدادات لكبح سعر الخام الذي يتجاوز 90 دولارا للبرميل، حيث يرى محللون أن المنظمة ربما تبدأ في خفض المعروض مع تراجع الطلب على الوقود للتدفئة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وفي الجانب الآخر يرى محللون أن زيادة الإنتاج بنسبة بسيطة لا تتجاوز 500 ألف برميل يوميا ستكون ذات مردود إيجابي على النمو الاقتصادي في العالم وتشعر وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة للدول الصناعية الكبرى بالقلق بشأن تراجع مخزونات تلك الدول إلى ما دون متوسطها في خمس سنوات.
كما أن مستوردي النفط يشعرون بقلق من تنامي فرص ركود الاقتصاد الأمريكي، مما دفعهم إلى مطالبة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بزيادة الإنتاج للحد من تأثير ارتفاع تكاليف الوقود على النمو الاقتصادي المتباطئ. ويتزايد القلق من أن الولايات المتحدة تنزلق إلى الركود وهو ما يمكن أن يبطئ النمو في بلدان أخرى ويحد من الطلب على النفط. وكان وزير الطاقة الأمريكي سام بودمان الذي قام بجولة في بلدان الشرق الأوسط في وقت سابق قد طلب من السعودية وغيرها من أعضاء أوبك على زيادة الإنتاج (لمساعدة اقتصادنا).
وقال فرانشيسكو بلانش محلل شؤون الطاقة لدى ميريل لينش: عند هذه الأسعار ينبغي أن تفكر أوبك في زيادة الإنتاج. سيكون ذلك مكافئاً لخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي).
وقال هاري تشيلينجوريان من بي. ان. بي باريبا: (لا توجد طاقة كبيرة لدى أوبك للزيادة لكن مجرد الإشارة إلى الزيادة ستكون محل ترحيب). غير أن جميع وزراء أوبك الذين تحدثوا قبل الاجتماع يقولون إنهم لا يتوقعون تغيرا في مستوى الإنتاج بينما يتحول الحديث إلى إمكانية خفض الإمدادات لزيادة الأسعار في اجتماع أوبك التالي في مارس. كما أن هناك رؤية مشتركة بين أغلب أعضاء أوبك التي تمد العالم بأكثر من ثلث احتياجاته من النفط وعددهم 13 على أن الإمدادات كافية حتى الآن.
من جانبه قال وزير النفط القطري عبد الله العطية: (يجب علينا أن نتخذ خطواتنا بعناية بالغة لأننا ندخل الربع الثاني. ينبغي لأوبك أن تكون حذرة في دراسة موضوعين: الركود والربع الثاني). وقال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني: إنه لا توجد أي علامات على وجود نقص للإمدادات في أسواق النفط العالمية، وإنه لا يتوقع أن تغير أوبك إنتاجها في هذا الاجتماع وقال: (لا أعتقد أنه ستجري تعديلات للإنتاج). فيما اعتبرت نيجيريا أنه لا يوجد أي سبب يدفع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى التدخل في حجم إنتاج النفط الخام، على الرغم من الزيادة الكبيرة في أسعار هذه المادة. وقال نائب وزير النفط عدين اجوموغوبيا للصحافيين: إن الأسعار لم تتأثر بأسس العرض والطلب، وإنما بفعل عوامل أخرى، ولا نرى أي سبب يدعو إلى التدخل في هذه المرحلة. وأضاف: إن العامل الرئيسي الذي يؤثر على الأسعار هو المضاربات.
كما أوضحت إيران أن الإمدادات كافية في سوق النفط وانه لا ترى ما يدعو لزيادة إنتاج منظمة أوبك. وقالت إيران مرارا إن العرض كاف في السوق وإن ارتفاع الأسعار يرجع إلى عوامل أخرى مثل التوترات في الشرق الأوسط والمضاربات. وقال وزير النفط الإيراني علام حسين نوذري: لا يوجد سبب لرفع إنتاج أوبك لأن الشهور الدافئة من السنة تقترب. ما من داع لتزويد السوق بمزيد من النفط لأن السوق به امدادات كافية وأوضاعه مستقرة. وقال جواد يرجاني رئيس شؤون أوبك بوزارة النفط الإيرانية: لأنه لم تظهر أي ظروف خصوصاً في أسواق النفط فمن المستبعد أن تتخذ أوبك أي قرار خاص في اجتماعها اليوم الجمعة. وأضاف: الأوضاع في السوق لا تتطلب قرارا جديدا من أوبك. وقال يرجاني: لأن أسعار النفط الحالية أعلى قليلاً من الأسعار قبل الاجتماع السابق لأوبك في ديسمبر كانون الأول ولأننا سنعقد اجتماعا عاديا لأوبك في السابع والثامن من مارس فمن المستبعد أن يصدر قرار خاص بهذه الفترة القصيرة. وكانت اندونيسيا ذات النفوذ المحدود على سياسة أوبك لكونها أحد أصغر المنتجين في المنظمة هي العضو الوحيد الذي أثار احتمال زيادة الإنتاج. ويدعو أغلب الأعضاء إلى توخي الحذر.
من جانبه توقع دكتور الاقتصاد فهد بن جمعة أن ترفع أوبك إنتاجها بجزء يسير وقال: هناك أسباب عدة قد تدفع الدول المنتجة للنفط لرفع الإنتاج والتي تأتي المخاوف من ركود الاقتصاد نتيجة تراجع معدلات الطلب بسب ارتفاع سعر النفط في طليعتها، كما أن ارتفاع معدلات التضخم في الدول المصدرة للنفط قد يدفعها إلى زيادة الإنتاج، وأشار الجمعة في حديث ل(الجزيرة) إلى أن الانعكاسات السلبية المتوقعة نتيجة استمرارية ارتفاع أسعار النفط قد تكون أسوأ بكثير على الآثار المباشرة لزيادة إنتاج النفط موضحا أن زيادة أوبك ما بين 300 إلى 500 برميل يوميا تعمل على تهدئة الأسعار، الأمر الذي سيزيد من فرص تنامي الاقتصاد العالمي والحفاظ على معدلات الطلب ولا سيما أن الدول المستهلكة لم تستخدم مخزوناتها الاستراتيجية في هذا الصدد إلى الآن وتشير تقديرات لخبراء المنظمة إلى أن متوسط الطلب العالمي على النفط في الربع الثاني سيبلغ 85. 61 مليون برميل يومياً انخفاضاً من 87. 32 مليون برميل يوميا في الربع الأول. وارتفع الإنتاج المستهدف لدول أوبك التي تلتزم بحصص إنتاج وهي جميع دول المنظمة عدا العراق إلى 29.67 مليون برميل يوميا في أول يناير كانون الثاني عندما انضمت انجولا والاكوادور إلى نظام الحصص. وضخ الأعضاء الاثنا عشر كمية قريبة من تلك في ديسمبر أو تراجع النفط إلى نحو 90 دولارا للبرميل من مستواه القياسي عند 100.09 دولار للبرميل الذي بلغه في الثالث من يناير كانون الثاني الجاري، مما خفف الضغوط على منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لضخ المزيد.
وتعقد منظمة أوبك اليوم الجمعة في فيينا اجتماعا استثنائيا لبحث السياسة الإنتاجية وإعادة دراسة حصصها الإنتاجية المحددة حاليا بـ67.29 مليون برميل في اليوم. في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط نحو عشرة دولارات عن مستواها القياسي الذي تجاوزت به مستوى 100 دولار للبرميل في مطلع العام الجاري. وتجدر الإشارة إلى أن أوبك قد رفضت في اجتماعها الأخير في ديسمبر كانون الأول زيادة الإنتاج رسميا.