تمكنت المملكة من القيام بأضخم عمليات أمنية استباقية لمواجهة الإرهاب ومكافحته في أواخر السنة الماضية عندما ألقت أجهزة الأمن السعودية القبض على أكثر من مئتي رجل من المشتبه بضلوعهم مع تنظيم القاعدة الإرهابي كانوا على وشك القيام بعمليات إرهابية قبل وأثناء الحج لنشر الفوضى ولإرباك الأجهزة الأمنية.
الحملة على الإرهاب تلك كانت بمثابة إنذار مباشر لكل من تسول له نفسه الإضرار بأمن المملكة أو أمن ضيوف الرحمن من الحجيج وأيضاً كانت ضربة فاعلة وعميقة لكل من يحاول تنفيذ عمليات تخريبية للإضرار بصورة الإسلام السمحة إمعاناً في تضليل المسلمين وإرباكهم.
المصيبة التي لم يعرها أي مسلم انتباهه لأنها يستحيل أن تدور بخلد أي مسلم صادق ومخلص لله ولرسوله وللمؤمنين، هي محاولة تلك الفئة الضالة الإساءة إلى الحج والحجيج وبالتالي إلى الإسلام والمسلمين في عرين الإسلام وقلعته الحصينة. بيد أن تنظيم القاعدة ومن يتبعه من تنابلة الجهالة والغلو والضلال دائماً ما يتحركون في الاتجاه الخاطئ ضد التيار عكس مسيرة الإسلام والمسلمين.
لطف الله وحده وحمايته للأراضي المقدسة ومن ثم يقظة أجهزة ورجال الأمن كشفت تلك المؤامرة الخطيرة وأحبطتها قبل وقوعها وصادرت ثمانية صواريخ تم تهريبها إلى المملكة لاستخدامها في عمليات إرهابية ضد عباد الله من الحجاج المسلمين، أو ضد بعض الفنادق وبعض المنشآت النفطية والاقتصادية السعودية.
هذه الأحداث تذكرنا بما قامت به عناصر ضالة من تنظيم القاعدة في عام 2005م في قلب العاصمة الأردنية عمّان عندما فجرت بعض الفنادق الأردنية ليذهب ضحيتها مدنيون أبرياء ممن كانوا في الفنادق وخصوصاً من حضروا عرساً أقيم في إحدى الفنادق ليقتل والدا العروسين وهي ذكريات لا يمكن أن يمحوها الزمن من عقول أو قلوب أهالي الضحايا.
لقد انطلقت المملكة انطلاقة ممتازة لتقوية وتمتين جهودها الأمنية لحماية مواطنيها وضيوف بيت الله الحرام ومنشآتها الاقتصادية والنفطية لذلك قامت بنشر 9000 رجل أمن في المواقع الاستراتيجية، لم يكن هذا الانتشار الأمني وليد يوم ولا ليلة وإنما كان ضمن استراتيجية أمنية استباقية تم الإعداد لها قبل عدة سنوات قبل أن يفكر تنظيم القاعدة بتهديد البنية التحتية في المملكة.
السبب أن تنظيم القاعدة كان في بداية عملياته الإرهابية يستهدف قوات الأمن والمصالح الغربية في المملكة لكن منذ عام 2006م بدأ في تغيير منهجه وتخطيطاته ليتجه نحو الأهداف الاقتصادية عندما أحبطت قوات الأمن السعودي محاولة الهجوم على مصفاة بقيق في ذلك العام، وبعدها بعام تقريباً محاولات الهجوم الجوي على المنشآت النفطية.
السؤال الذي يجب على كل مواطن أن يسأله لماذا يحاول تنظيم القاعدة الإضرار بمصدر رزق الشعب السعودي بأكمله؟ ثم ألا يدرك هؤلاء الإرهابيون أن تكلفة الأمن ومنشآته وأدواته لحماية البلاد يكلف الشيء الكثير، مثلاً الفاتورة الإجمالية لتدريب ما يقارب 35000 ألف رجل أمن سعودي تقارب الخمسة بلايين دولار وهي مبالغ تصرف في وجه مشروع ولهدف مشروع بعكس ما يصرفه الإرهابيون من مال عظيم بغية الإضرار بالمسلمين وليس لحمايتهم، فشتّان بين ما تصرفه الدولة لحماية الأمن والاستقرار في البلاد، وبين ما يصرفه تنظيم القاعدة للتخريب والقتل والتدمير.
نتساءل: هل يمكن أن تبرر هذه الأفعال الوحشية أية ديانة سماوية؟ وهل يعقل أن يتقبلها عقل إنسان لديه ذرة من المشاعر والعواطف الإنسانية؟ هل من الممكن أن يتقبلها وعي إنسان عاقل وسوي؟ كيف يمكن أن نتصور الأضرار التي كان من الممكن أن تلحق بالمسلمين فيما لو تمكن الإرهابيون من القيام بعملياتهم الإرهابية؟
لا شك أن الرعب الذي يحاول تنظيم القاعدة بثه في نفوس المسلمين وغير المسلمين في العالم كله بات حقيقة ناصعة لم يعد بالإمكان تدليسها أو طمس معالمها البشعة. ولكنها حقيقة تعكسها أفكار مريضة ومعتقدات ضالة ونفوس محبطة مليئة بالحقد الدفين على شعوب العالم كلها. الله وحده أعلم بحجم الأضرار التي منع وقوعها رجال الأمن وأجهزته في المملكة، لهذا يجب أن نقف جميعاً صفاً واحداً إلى جانب صف رجال الأمن وأجهزته لمنع هذه الطغمة المجرمة من تحقيق أهدافها المشبوهة في مقدمتها إلحاق الأذى والضرر والدمار بعباد الله وممتلكاتهم.
drwahid@com