هذا هو الشتاء...
يد تطرق الأبواب ليخرج المستدفئون للعراة...
هذا هو الشتاء...
دفٌّ يقرع في آذان الحالمين في دثرهم المترفة ليسمعوا أنين المصطلين من الزمهرير...
هذا هو الشتاء...
يدان غليظتان تدكان أكتاف المتطاولين في رغد المدافئ لتتنشل الغرقى في مساقط الصقيع...
وكيف هو الشتاء بريحه الباردة ووجهه الثلجي وأنفاسه التي ترسم خيوطاً من الدروب ليجتازها كلٌّ إلى اتجاه...
فالشعراء تتهافتهم أخيلتهم وتدك أحلامهم... والصانعون تشدهم أفكارهم لمناجم حِرَفِهم... والمستثمرون تغويهم طموحاتهم لمنافذ ثرائهم... والفقراء تلمُّهم سواعدهم ليكتنف الدفء صدورهم...
والصغار أيُّ الضمائر تحتويهم...
والكبار أيُّ المشاعر تحتويهم...؟
تزحف لأطراف السكنات رسائل الشتاء...
والرياض: يعمها صمته وصريره...
الرياض: يكتنفها بجماله ومهابته...
الرياض: تسمعه يداً تطرق الأبواب...
الرياض: تصغي له دفَّا يقرع في الآذان...
الرياض: تراه يدين تدكَّان الأكتاف...
الرياض: فارهةً في جلال قدرة الله في زمهريره وسطوته...
الرياض: مستدفئة في هيمنة أنفاسه تداعب أخيلة المبدعين وتحفز سواعد العمال والمسثمرين...
الرياض: في الشتاء كتاب تتجلى حروفه في سطور... تقرئك سخونة النشاط... وتسمعك صرير الآلالم...
وتريك رجفة العراة...وتلهمك بوصلة العطاء... وتنشدك حفنة دفء لمن يلتحف السماء... ويتكور في العراء...
ومن ثمَّ تنبسط لوحة لطبيعة الله تعالى في خلقه...
الشتاء...
كثيراً ما يتحدث بصمت...
ونادراً ما يأتي بلا صوت...