في حديثنا عن مشكلة معبر رفح التي هي إفراز لأزمة حصار قطاع غزة الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإسقاط حكم حركة حماس للقطاع، تحدثنا عن عدة سيناريوهات واقتراحات لحل هذه المشكلة وتجاوزها لمعالجة أزمة الحكم في قطاع غزة، ومن أهم أو أكثر هذه السيناريوهات تداولاً للحل وتواؤماً مع الواقع ثلاثة منها:
1- تحقيق مصالحة حقيقية بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في قطاع غزة، وبالتالي وضع معبر رفح تحت سلطة السلطة الفلسطينية لإدارة المعبر بوجود المراقبين الدوليين، وتسعى كل من المملكة العربية السعودية ومصر بجمع كبار القياديين في حماس مع الرئيس محمود عباس للبدء في مفاوضات تتوج بصياغة اتفاق يوقف التناحر والنزاع بين الفلسطينيين، وقد أجرى سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل مباحثات في الرياض مع خالد مشعل رئيس حركة حماس، كما أن هناك جهوداً لعقد مفاوضات بين وفدين من السلطة وحماس في القاهرة برعاية مصرية سعودية لتحقيق مصالحة تقطع الطريق على سيناريوهات أخرى تعمل جميعها على القضاء على حركة حماس وإنهاء سيطرتها على قطاع غزة حتى وإن تطلب الأمر استعمال القوة العسكرية وهو ما تهدد به إسرائيل.
2- السيناريو الثاني، وهو ما أشرنا إليه في حالة تعذر تحقيق مصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس، والذي يتمثل في تصعيد المواجهة بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومقاتلي حماس حيث تعيد إسرائيل حصار القطاع بإعادة إقفال معبر رفح بالضغط على مصر (دولياً) وبضغوط أمريكية باعتبار أن مصر ملزمة حسب اتفاقية كامب ديفيد والاتفاقيات الأخرى لحماية الحدود، وإذا ما رفضت مصر ذلك تحمل مسؤولية ذلك وتوكل المهمة إلى قوات دولية أو تقوم بالمهمة قوات إسرائيلية من خلال توجيه حملة عسكرية لاجتياح المعبر على غرار الاجتياحات التي تستهدف قطاع غزة، وهذا ما يرفع درجة التصعيد والمواجهة بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية ككل وليس مقاتلي حركة حماس فقط، لأن ذلك سيؤدي حتماً إلى امتداد المعارك والمقاومة إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة من تزايد العمليات الانتحارية والتفجيرات وسقوط الصواريخ القادمة من غزة، مما سيدفع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الرد على هذه العمليات، وهو بدوره سيشعل الجبهة الإقليمية، وليس فقط على الحدود بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية بل تمتد المواجهة إلى الجبهة اللبنانية بل وتصل إلى العراق وغيرها من مناطق التوتر، ولذلك فإن القوى الدولية والإقليمية تتحرك لتطويق هذا التوجه السلبي واحتواء التصعيد خوفاً من امتداده إلى مناطق عربية وإسلامية أخرى بالضغط على إسرائيل لوقف أي مغامرة أو تهور وترك مصر تعالج الوضع بمحاولتها جمع السلطة الفلسطينية وحركة حماس وترك إدارة المعابر إلى السلطة الفلسطينية بمراقبة الأوروبيين، ويظهر أن إسرائيل تميل إلى مبدأ التهدئة حتى لا تتطور الأمور إلى الأسوأ مما يكرر تجربتها المريرة في جنوب لبنان في السنة الماضية.
3- يبقى السيناريو الثالث، وهو إجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس لعقد هدنة توقف بموجبها الهجمات على غزة مقابل وقف إطلاق الصواريخ ثم تعقد صفقة لتبادل الأسرى والجندي الإسرائيلي على أن تشمل الصفقة الأسرى الفلسطينيين من أعضاء حركة حماس وبالأخص أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني.
jaser@al-jazirah.com.sa