لم يكن بالأمر السهل أبداً أن يتلقى أحدنا نبأ وفاة عزيز عليه، وهذه من فطر الله التي فطر الناس عليها، فما أصعبها من لحظات تعقبها ساعات وأنت بحال من معاناة ألم الفراق وغصته!
رحمك الله يا والدي، احترت ماذا أكتب عنك: تواضعك، أم حبك للناس، أم حب الناس لك، علاقتك بأبنائك، تربيتك لهم، أم الحكمة في تدبير أمورك أم الحلم الذي تمتعت به! رحمك الله رحمة واسعة وأعلى منازلك، لم تكن تحمل على أحد أبداً، كنت تهون الأمور التي نراها من المنغصات وتطمئننا دائماً بأن الأمور سهلة وأسهل مما نتصور، كنت تسعى لخدمة الكبير والصغير على حد سواء وتتحمل في ذلك الكثير، يقصدك الأقارب والمعارف للاسترشاد برأيك وطلب المساعدة، أسأل الله ألا يحرمك أجر ما سعيت به للناس وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
حرصت على الدين وحرصتنا عليه حتى أني لم أرك يوماً غاضباً إلا عند التهاون أو التفريط من أحد في هذا الجانب.
كم كنا نحاول مجاراتك في حلمك على إساءة من أحد فلا نستطيع، بل ونتعجب من قدرتك على الحفاظ على هدوئك.
وكانت متابعتك للأقارب صغيرهم وكبيرهم واهتمامك بشؤونهم وتقصي حاجاتهم وأحوالهم هو ما جعلهم متأثرين في لحظة وداعك الأخير، تلك اللحظة التي غشيتها الهيبة والعجز عن التعبير وحفتها الدعوات لك من الكبير والصغير رجالاً ونساء وحتى الأطفال الذين لم تكن تتجاهلهم أو تترفع عنهم.
رحمك الله وتغمدك بواسع عفوه ومغفرته.. وأسبغ عليك رضوانه وأبدلك خيراً من دارك وأعلى منازلك في جنات النعيم.
عزائي فيك يا والدي أنك مشيت درباً والكل له سائرون، وقبل ذلك عزائي أنك حللت إن شاء الله ضيفاً على رب كريم غفور رحيم لاحرمنا الله أجر الصابرين المحتسبين إنه سميع مجيب, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل وصحبه وسلم.