الأولى:
حُسن الظن من العادات الحميدة التي تدل على ثقة الإنسان بنفسه وقدرته على فهم ما يدور ويقال حوله، وكثير من حسن الظن وطد علاقات وأرسى دعائم أسر وعزز مواقف كثيرة وجعل منهم شخصيات فذة محترمة، وحسن الظن يدل على إدراك للحقائق وفهم للواقع وقوة في الشخصية، ولكن علينا التفريق بين حُسن الظن وحذر المؤمن، فكل منا حباه الله عقلاً يميز به بين ما يضره وما ينفعه فحسن الظن هو أخذ الأمور ببساطة وفق العادات المعروفة، ومن إنسان معروف بحسن المقصد، وحذر المؤمن مطلوب في مناسبات، حيث عليه أن يحذر من شر الأعداء والأصدقاء المزيفين والحاقدين، وأن يكون حذراً دائماً في كل ما يجب الحذر منه.
الثانية:
من الشك ما هو آفة تفقد الحياة جمالها، وتقطع أوصال العلاقات وترميها في بحر المجهول وتذهب بصاحبها إلى عالم التردد. ولربما كان الشك وسيلة لفقد الصداقات وعدم إقامة العلاقات مع الأحبة والأصدقاء، وهناك من طغى الشك على عقولهم ففقدوا بسببه أصدقاءهم وأحبتهم، وجعلهم غير قادرين على بناء جسور المحبة والود، فما أجمل الابتعاد كل البعد عن الشك بالآخرين، لأنه وسيلة للانعزالية وفقد ما بنيناه من روابط مع أحبتنا، ولأن حسن الظن بالآخرين هو الوسيلة الأنجح لكسب ود واحترام الآخرين، كما أن حُسن الظن من علامات الثقة بالنفس ومن علامات النضوج الفكري والعقلي وقوة الشخصية.
الثالثة:
العتاب له أسس وأنماط مختلفة، العتاب بين الأصدقاء ينعكس إيجاباً إذا كان مبنياً على حقائق وتصحيح للمفاهيم المختلفة فيها، والعتاب يكون محموداً بين الأصدقاء إذا كان بطريقة أخوية، وبصفة خاصة بعيداً عن أعين الآخرين، والعتاب يكون جميلاً إذا كان صادراً عن صدق نية، ولكن العتاب ربما ينعكس سلباً إذا تجاوز ذلك، وكان عتاباً حاراً أمام أعين الآخرين وبطريقة غير لبقة، إن للعتاب أصولاً كما للصداقة، وللعتاب أحوالاً كما للحديث بين الأصدقاء، وإنها همسة للإخوة والأخوات بأن يجعلوا من عتابهم لأصدقائهم ومعارفهم أنموذجاً يدخل للنفس بطريقة محببة، ليكون هذا العتاب صادقاً ويتقبله الآخرون بنفس راضية.
الرابعة:
لكل إنسان خصوصياته وأسراره يبدي للناس ما يريد ويخفي مال لا يريد إظهاره، ولكن من الناس من يضايق الآخرين بأسلوبه وبطريقته نحو الغوص في أعماق الآخرين، وتتبع خصوصياتهم وأسرارهم، فالإنسان العاقل اللبيب هو الذي يحترم الآخرين وشؤونهم، ويجعل الملاطفة أسلوباً يرتقي إلى الوعي والنضج في التعامل سواء كان ذلك مع أسرته أم مع الأقارب والأصدقاء، كما أن التدخل في خصوصيات الناس أمر يضايق الآخرين ويبعث على التقليل من قيمة الإنسان.. فهناك أشياء لا تصلح أن يطلع عليها عند صاحب الشأن، وكذلك أشياء أخرى يحب أن تظل قيد الكتمان والخصوصية عند الشخص نفسه. وأخيراً فإن احترام خصوصيات الآخرين احترام لخصوصياتنا.