تضطلع البنوك بدور بارز في المسيرة الاقتصادية، وتطورت الصناعة البنكية بشكل ملحوظ، إذ إن الاستفادة من التقنية، وتطويع المخرجات بهذا المجال تحديداً بات ملموساً للقاصي والداني، بل إن المرء يعتريه الشعور بالفخر حينما تسطر الانسيابية في التعامل من خلال الأجهزة المختلفة والمنتشرة في أرجاء الوطن إبداعاتها التقنية، لينعكس على مستوى الخدمة ووأد الهدر في مهده، ولا سيما هدر الوقت، فالقطاع المصرفي بشكل عام يسير بشكل يتواكب مع تطور الصناعة البنكية وانخراط الكوادر الوطنية في هذا المجال في وقت مبكر، وإن كانت بعض المفاصل المؤثرة وخصوصاً الوظائف القيادية لا تزال رهناً للعقدة التي ما برحت تعيد تشكيل نفسها، ليس نقصاً في التأهيل وقدرة في الكفاءات الوطنية لاحتواء هذه المفاصل والإمساك بزمامها، بقدر ما يشكل حجب الثقة عاملاً رئيساً من خلال ترسيخ رؤية ضبابية تشي بعدم المقدرة وتمرير هذا المفهوم كلما نشط هذا القطاع في تهيئة الأجواء الملائمة لأبناء الوطن لقيادة الأقسام المختلفة لتقتحم الشكوك أسوار الاستراتيجيات المرسومة، وقد تكون بريشة من يرغب في بقاء الحال كما هي عليه، أو بمعنى أصح من له مصلحة في تهميش الكوادر الوطنية، غير أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك، فنسبة التوطين في وظائف البنوك تعتبر الأعلى قياساً للمنشآت الأخرى، والسعوديون أثبتوا أنهم جديرون بقيادة البنوك، وفرضوا حضورهم بمهاراتهم وخبراتهم بهذه المجال بيد أن عامل الثقة بهذا الصدد يظل فرس الرهان في هذه المرحلة، امنحوهم مزيداً من الثقة ولا تلتفتوا للاسطوانات المشروخة التي ما فتئت تعزف على أوتار الماضي، فالحاضر أبقى من الماضي، وأجدر بنيل هذا المستوى من الثقة، يعزز ذلك عنصرا الممارسة والخبرة، بل والنباهة التي يتمتع بها أبناء البلد، يقف خلفهم معهد شامخ بعطائه وزاخر بالأساليب التدريبية الحضارية المتطورة، وهو المعهد المصرفي الذي يصقل هذه الخبرات، ويمنحها مزيداً من الجرعات التدريبية الناجعة، ومما لا شك فيه أن البنوك ومواكبتها التطور المذهل في الصناعة البنكية بحرفية مهنية موازية للتطلعات وكسب ثقة زبائنها بهذا الخصوص، فإن الحديث أو بالأحرى السؤال المتجدد هو: أين دور البنوك في دعم المجتمع؟ وقد تؤثر بعض البنوك في دعم المجالات المختلفة من دون الإفصاح عنها، وهذا شيء طيب ولا شك إلا أن الدور يعتريه بعض القصور، والمطلوب المزيد من الإسهام في هذه المجالات ليس كسباً لثقة العملاء، وحسب بل إن الالتزام الأدبي تجاه من يدعم هذه البنوك ويعزز أرباحها يظل المحور الأبرز ألا وهم أفراد المجتمع فضلاً عن المسؤولية الوطنية حيث إن الدولة - أيدها الله - يسرت السبل، وأتاحت كل الوسائل الداعمة لممارسة النشاط بكل أريحية، إدراكاً منها لدور هذا القطاع المؤثر في الناحية الاقتصادية، ولا ريب أن مستوى التنظيم في البنوك ارتقى بشكل بارز وملحوظ، ونطمح إلى المزيد من ذلك وتعزيز الثقة بالكوادر الوطنية التي ساهمت وما زالت في مرحلة النهوض بهذه الصناعة، من هنا فإني أود أن أسوق اقتراحاً، وهو في حقيقة الأمر فرصة، بل فرصة تاريخية تستطيع البنوك أن تستغلها، وتستثمرها الاستثمار الأمثل، وخصوصاً في هذه الظروف حيث الغلاء يضرب بأطنابه على جميع السلع، وبادرت الحكومة - أيدها الله - كما هي عادتها دائماً إلى التصدي لشبح الغلاء المخيف والمرهق في الوقت ذاته، ودعمت السلع لإعادة التوازن والتخفيف على كل من يقيم على هذه الأرض المباركة، ويتمثل الاقتراح بمبادرة من البنوك في تخفيض نسب الفوائد على التجار سواء كان ذلك عبر التسهيلات التي تمنح للتاجر أو من خلال تخفيض الرسوم للضمانات والاعتمادات البنكية والخدمات التي تقدمها البنوك، ولا ريب أن هذه اللفتة الوطنية ستنعكس إيجاباً لتبني جسور التواصل بالمشاركة الفاعلة في هذا المضمار، ولتثبت البنوك الوطنية أنها حاضرة في مجال الإبداع عبر خدماتها المتطورة، وحاضرة في مجال الأبعاد الاجتماعية والمشاركة، فإذا كنا نفخر بما آلت إليه الصناعة البنكية من تطور تقني مذهل، فإننا نفخر كذلك بالمبادرات الوطنية الخيّرة.
Hamad-yemco@hotmail.com