ورد في لسان العرب لابن منظور: السطر: الخط والكتابة، وسطَّر يسطِّر إذا كتب. وقال الزجاج في قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} .. المعنى وقالوا الذي جاء به أساطير الأولين، معناه سطَّره الأولون، وواحد الأساطير أسطورة .. والأساطير: الأباطيل.
والأساطير: أحاديث لا نظام لها. والخرافة: الحديث المستملح من الكذب. وقالوا: حديث خرافة، ذكر ابن الكلبي في قولهم حديث خرافة أنّ خرافة من بني عذرة أو من جهينة، اختطفته الجن ثم رجع إلى قومه، فكان يحدِّث بأحاديث مما رأى يعجب منها الناس فكذبوه فجرى على ألسن الناس .. أجروه على كل ما يكذبونه من الأحاديث، وعلى كل ما يستملح ويتعجّب منه.
لقد لعبت الأساطير والخرافات أدواراً سيئة - في عمومها - في حياة - ولا تزال - بعض الشعوب والمجتمعات - ومن بينها بعض أفراد المجتمع السعودي - فنحن لا نزال نرى بعض الأفراد يصدقون ببعض الأساطير والخرافات، بل يسعون إليها، وقد سبق أن ألَّف شيخنا الجليل الأستاذ عبد الكريم الجهيمان كتاباً من أربعة أجزاء تحت عنوان: (أساطير شعبية من قلب الجزيرة العربية) تطرّق فيه إلى بعض الأساطير - والخرافات - السائدة والمنتشرة والمحكية بين الناس.
ومع هذا فإنّ الدكتور عز الدين إسماعيل يقول في كتابه: (التفسير النفسي للأدب) (1963م): علاقة الإنسان مع ذاته علاقة غريبة وغامضة ومعقّدة .. ومنذ قديم قامت الأسطورة في حياة الإنسان بدور جوهري، فكانت بالنسبة له تفسيراً عاطفياً لعلاقته بالكون الأكبر والكون الأصغر على السواء.
هذا التفسير العاطفي قد يمس روح الإنسان كذلك في غير العصر الأسطوري، فالأسطورة ما تزال حتى اليوم تعيش في ضمير الناس على نحو أو آخر، بل ربما قامت بدور كبير في توجيه حياة الفرد والجماعة لا يقل في أثره عن الدور الذي كانت تؤديه في عصر الأسطورة.
إنّ الأسطورة تصف في الحقيقة أكثر من أنها تفسير .. ومن هنا كانت علاقة الإنسان مع ذاته في الأسطورة أمراً مبهماً، يحتاج إلى تفسير، ولما كانت الأسطورة لهذا ميداناً خصباً للتأمل والتفكير، ولما كانت من الرحابة بحيث لا يمكن الاستحواذ على كل مضمونها دفعة واحدة، كان طبيعياً أن نصادف للأسطورة أكثر من تفسير، وأن يصح كل تفسير بالقياس إلى الأسطورة.
نقول: لقد قدّم أستاذنا الجليل معلومات مهمة تراثية من قلب الجزيرة العربية في طبق من ذهب، وهذه المعلومات تريد من ينفض الغبار عنها من قِبل المتخصصين في علم النفس، لسبر أغوار هذه الأساطير وما هي أهداف كل أسطورة، وماهية مدلولاتها النفسية، وهل هي خاصة بعرب قلب الجزيرة العربية فقط، أم هي موجودة في مواقع أخرى.
يقول عزالدين إسماعيل: وفي إطار الحضارة العلمية التي تسود العالم المتحضر في عصرنا يكون من الطبيعي ألاّ ينفصل الكاتب عن معارف عصره، حين يتعرّض للأسطورة القديمة، يتأملها ويحاول تفسيرها .. وأرجو أن يتضح لنا من خلال هذا التفسير، وهذا التحليل كيف أنّ (علاقة الإنسان مع ذاته) هي الصورة التي تصنع صراع الإنسان، وتحدد علاقته بما حوله، وسلوكه العام.
الرياض: 11642 - ص. ب 87416