لرياض- خاص ب«الجزيرة»
عرف الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة الدكتور محمد بن يحيى النجيمي زواج المسيار بأنه نكاح يتم بشروطه وأركانه الشرعية، ويتراضى فيه الزوجان على إسقاط بعض حقوقهما الزوجية، ويتفقان على إعلانه بصورة محدودة، مفرقاً بينه وبين الأنكحة الأخرى، بالقول: إن نكاح المسيار مُستكمل لشروطه وأركانه الشرعية، وموثق أمام المحاكم الشرعية، غير أن الزوجة تتنازل عن حقها في النفقة، والمبيت، والسكنى، وربما المهر أحياناً.
جاء ذلك في بحث للدكتور محمد النجيمي بعنوان: (عقود الزواج المستحدثة وحكمها في الشريعة الإسلامية)، حيث استعرض فضيلته في طيات بحثه بعضاً من عقود الزواج المستحدثة في هذا العصر، وحكمها في الشريعة الإسلامية، مبيناً أن كلمة المسيار كلمة عامية تستعمل في إقليم نجد في المملكة العربية السعودية، وبعض دول الخليج، بمعنى الزيارة النهارية، لكن لها أصلاً لغوياً، فهي: صيغة مبالغة يوصف بها الرجل الكثير السير، وسُمِّيَ بها هذا النوع من النكاح، لأن المتزوج زواج مسيار لا يلتزم بالحقوق الزوجية التي يلزمنا بها الشرع، فكأنه زواج السائر الماضي الذي يتخفف في سيره في الأثقال والمتاعب.
وفي هذا الصدد قال: إن نكاح السر، يختف عن زواج المسيار في أن الزوجين، والولي، والشهود، يتواصون على كتمانه، وعدم إعلانه، ويثبت فيه حق النفقة، والمبيت، والسكنى، وسائر الحقوق الزوجية، أما النكاح العرفي فيختلف عن نكاح المسيار في أنه موثق أمام المحاكم الشرعية وتثبت فيه سائر الحقوق الزوجية، أما نكاح النهاريات والليليات فيختلف عن نكاح المسيار في أن طبيعة عمل المرأة في هذا النوع من النكاح أنها تخرج من بيت زوجها للعمل ليلاً أو نهاراً، وطبيعة الزواج في الإسلام ألا تخرج المرأة من منزل الزوجية إلا بإذن الزوج، كما أنه يُثبت لها سائر الحقوق الزوجية.
ورأى الدكتور النجيمي أن الأسباب الداعية إلى زواج (نكاح المسيار) متعددة من أهمها: أنه يساعد على حل مشكلة العنوسة، وبخاصة بين الطبيبات والمعلمات والموظفات، وأن بعض النساء يموت عنها زوجها، أو يطلقها وهي ذات أولاد، وتريد البقاء معهم لتربيتهم ورعايتهم، ولكنها تحتاج إلى الزواج، فترضى بزواج المسيار حلاً لمشكلتها، كما أن بعض النساء قد تكون هي العائل الوحيد لوالديها الطاعنين في السن، وهي في الغالب شابة، وبحاجة إلى الزواج والذرية، فيكون الحل هو نكاح المسيار، وأن بعض التجار ورجال الأعمال، وطلاب العلم يضطرون للسفر إلى الخارج، والبقاء فيها مدة طويلة قد تكون سنة، أو سنتين، أو أكثر، وهذه البلدان فيها فتن كثيرة فيخشى الإنسان على نفسه منها، فيلجأ إلى زواج المسيار، وغير ذلك من الأسباب المبينة في ثنايا البحث.
وقال الخبير بمجمع الفقه الإسلامي: إنه من خلال البحث تبين أن نكاح المسيار قد يعتريه الكتمان والسرية في بعض الأحيان، فإن كان كذلك فقد اتفق جمهور العلماء في الحنفية، والشافعية، والحنابلة في قول عندهم على جواز نكاح المسيار، وذهب المالكية، وأحمد في رواية عنه إلى بطلانه، وروي عن أحمد كراهيته فقط.. والراجح عندي أنه صحيح من الكراهية كما هو رأي جمهور الفقهاء، حرصاً على تصحيح عقود الناس بقدر الإمكان، كما اتضح - والكلام للباحث - أن هناك خلافاً في نكاح المسيار بين الفقهاء المعاصرين على ثلاثة أقوال: الأول: القول بالإباحة مع الكراهية، الثاني: القول بالحرمة، الثالث: القول بالتوقف في المسألة.. والرأي الراجح من وجهة نظري هو القول القائل بالإباحة، وأما كونه غير لائق اجتماعياً فهذه ناحية أخرى، وتختلف من مجتمع إلى آخر، وفي المجتمع الواحد من عصر إلى آخر.
وأشار د. النجيمي إلى أنه لم يرد في قوانين الأحوال الشخصية العربية أي مواد قانونية بخصوص زواج المسيار، ولكن ورد فيه نصوص بخصوص الشروط التي تُنافي مقتضى العقد، أو مقاصد العقد، ولم تتعرض للشروط التي لا تخل بمقصود العقد، فكأنها تجاهلت هذا النوع لأن فيه خلافاً بين الفقهاء فلعلها تركته للأخذ والرد في المحاكم، أما الزواج بنية الطلاق فهو: أن يتزوج الرجل المرأة وفي نيته طلاقها بعد انتهاء دراسته أو إقامته أو حاجته.. وقد اختلف الفقهاء في حكم الزواج بنية الطلاق على ثلاثة أقوال:
الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة في رأي أخذ به ابن قدامة وابن تيمية، ومن المعاصرين محمد تقي الدين العثماني، والشيخ علي الطنطاوي، إلى جواز هذا النوع من النكاح لأنه مكتمل الشروط والأركان، والثاني: ذهب الإمام الأوزاعي إلى عدم صحة هذا النكاح، واعتبره نوعاً من أنواع المتعة، وهذا القول هو المعتمد عند الحنابلة، وذهب إليه المعاصرون الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية، والشيخ صالح بن محمد اللحيدان، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، لأن الأصل في الإبضاع التحريم، ولما يترتب عليه من المفاسد الكثيرة.
والثالث: ذهب الإمام مالك، والإمام أحمد - رحمهما الله - إلى كراهة هذا النوع من النكاح، وهو مذهب الشافعية، وشيخ الإسلام ابن تيمية في قول آخر، وقد توصلت إلى أن هذا النوع من النكاح إما حرام، أو مكروه كراهة تحريمية على أقل تقدير، لأن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني، ولذا لم يبح الشرع زواج المحلل، وإن كانت صورته شرعية.
وأشار الدكتور النجيمي إلى أن الزواج المؤقت بحصول الإنجاب، هو أن يتزوج الرجل المرأة بشرط أن يطلقها في وقت معين، وهو حصول الإنجاب، وبمعنى أوضح يشترط عليها ألا تنجب، وقد تشترط هي هذا الشرط، وهذا النوع من الشروط هي الشروط المنافية لمقصود العقد الأصلي، وقد اتفق الفقهاء على بطلان هذه الشروط، ولكنهم اختلفوا في إبطال العقود التي اشترطت فيها هذه الشروط على أقوال:
الأول: ذهب الحنفية إلى أن الشروط الفاسدة لا تبطل النكاح إلا إذا اشترط التأقيت في العقد.
الثاني: ذهب المالكية إلى أن هذا النوع من الشروط يفسخ معها العقد قبل الدخول، ويصح بعده، على أن يفرض لها فيه مهر المثل.
الثالث: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن هذه الشروط مخلة بمقصود العقد فيبطل العقد من أصله.
الرابع: هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد ذهب - رحمه الله - إلى بطلان العقود التي اشترطت فيها شروط فاسدة لا فرق بين ما نهى عنه الشارع وما لم ينه عنه.
والقول المختار: هو ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، وهو أن العقد يبطل إذا كان الشرط مخلاً بمقصود النكاح، مثل اشتراط أحدهما عدم الإنجاب، أما إذا كان الشرط لا يخل بالمقصود الأصل للنكاح فإن الشرط يبطل ويصح العقد.
وخلاصة القول أن الزواج المؤقت بحصول الإنجاب يبطل العقد، لكنه مخل بمقصود النكاح الأصلي للنكاح فإن الشرط يبطل ويصح العقد.
وخلاصة القول أن الزواج المؤقت بحصول الإنجاب يبطل العقد، لكنه مخل بمقصود النكاح الأصلي وهو أيضاً يفيد التأقيت، والتأقيت مبطل للنكاح.
وعن ما يسمى ب(زواج الأصدقاء)، قال فضيلته: إنه زواج حديث جداً، أثاره الشيخ عبدالمجيد الزنداني، واختلف الفقهاء المعاصرون في هذا النوع من النكاح على قولين:
الأول: أنه نكاح مباح، لأنه مكتمل الشروط والأركان، وللمرأة أن تتنازل عن حقوقها الزوجية من المبيت والنفقة والسكن.
الثاني: يرى أصحابه حرمة هذا النوع من النكاح، لأن هذا النوع من الزواج يتنافى مع مقصود النكاح في الشريعة الإسلامية، ولأنه سيكون مدخلاً للفساد والإفساد، وقال الدكتور النجيمي، الذي أرجحه هو حرمة هذا النوع من النكاح، لأنه زواج معيب، فهو وإن تراءى لنا في صورة عقد زواج صحيح لأنه مكتمل الشروط والأركان، إلا أن العبرة في العقود في المقاصد والمعاني بالألفاظ والمباني، ولأنه سيكون ذريعة للفساد والإفساد.