Al Jazirah NewsPaper Thursday  24/01/2008 G Issue 12901
الخميس 16 محرم 1429   العدد  12901
وداعاً سفير المنجزات السامي

محمد السالم - الرياض

قبل ساعات قليلة حلّت لحظة الحقيقة معلنة وداع هداف السفراء وسفير الهدافين وأسدل الستار على 18 عاماً كان العنوان الأبرز فيها (المنجزات القياسية)، الحادي والعشرون من يناير الثاني عشر من محرم تاريخ ستظل الأجيال تحفظه جيلاً بعد جيل لأنه شهد آخر اطلالة للكابتن الكبير سامي الجابر في المستطيل الأخضر، فكم أسعد السامي ملايين الجماهير بملاحمه الخالدة التي كان يسطرها داخل ذلك المستطيل، إن كل منصف يعلم بأن سامي أوجد لنفسه مكاناً فسيحاً في خارطة التميز الرياضي فعلى صعيد المنتخب قاد الاسطورة سامي الأخضر إلى أربعة مونديالات، وشارك بها جميعا في بادرة غير مسبوقة عربياً وآسيوياً، وكذا تسجيله لهدفين في مونديالين يفصل بينهما 12 عاماً في منجز قلّ نظيره على المستوى الدولي بالإضافة إلى مساهمته الفاعلة في تحقيق كأس أمم آسيا 1996م ناهيك عن لمساته المميزة في كأسي خليجي 12 وخليجي 15 اللتين حققهما الأخضر، أما على مستوى نادي الهلال فالتاريخ يشهد بأن أكثر من نصف بطولاته تقريباً شارك سامي في تحقيقها هذا بخلاف الألقاب الشخصية التي يطول سردها ولكن سأكتفي منها بذكر لقب لاعب الشهر في آسيا حيث حققه الذئب خمس مرات، إن كل محايد يعلم بأن النجم الفاخر سامي استطاع أن يحتل حيزاً واسعاً بعمقه الثقافي فهو متحدث لبق من الدرجة الأولى مؤدب وذكي جدا مع محاوريه ويجيد التحدث بثلاث لغات أجنبية ومؤخراً أظهر موهبة جديدة وهي الكتابة الصحفية حيث بدا واضحا حجم المخزون المعرفي الذي يتكئ عليه، يشهد بذلك أسلوبه الرائع في العرض والتحليل، فالقارئ يستمتع بمقالاته وهو يتلاعب بالأحرف كما كان يتلاعب بالمدافعين على أطراف المستطيل الأخضر، إن كل متجرد يعلم بأن سامي اتخذ موقعا رحباً بسموه الأخلاقي، فحسن التعامل هي السمة الأبرز لسامي وهذه حقيقة أؤكدها من واقع تجارب شخصية ومشاهدات واقعية، فعندما يمتلك اللاعب تميزاً رياضياً وعمقاً ثقافياً وسمواً أخلاقياً تكون النتيجة الطبيعية والمحصلة المنطقية اختياره سفيراً معتمداً للنوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة، وهذا ما استحقه سامي بكل جدارة، في الحقيقة ان الكرة السعودية بحاجة إلى لاعبين يحملون مع تميزهم الكروي نضجا ثقافيا وأخلاقيا لكي يصبح لدينا أكثر من (سامي).ورغم كل تلك المكونات التي ميزّت سامي عن غيره إلا أنه لم يسلم من الطرح الإعلامي غير المتوازن الذي تغلفه الأهواء والميول فكثيراً ما تعرض سامي لحملات إعلامية قاسية من بعض الصحف حتى وهو يرتدي شعار الوطن في المحافل الدولية وكثيراً ما كان الإنصاف لسامي يأتي من خارج الوطن، بينما التشكيك يأتي من بعض الصحف داخل الوطن! ورغم ذلك استمر سامي في طريقه نحو البطولات والمنجزات والأرقام القياسية ولسان حاله:وكنت إذا أصابتني سهامٌ تكسرت النصال على النصالِ، وجدير بالذكر أن أتذكر هنا وحش الإصابات التي تعرض لها سامي خلال مسيرته الكروية الحافلة التي أبعدته كثيراً ولفترات زمنية طويلة عن الكرة ولكن لأنه يعشق المغامرة وقلبه يذوب بحب الكيان الأزرق لم يستسلم لبعضها، فكلنا نتذكر البطولة العربية للأندية أبطال الدوري الحادية عشرة التي نظمها نادي النصر عام 1996م وكيف أن عشق سامي للهلال دفعه ليرتدي قناعا واقيا على أنفه المصاب طوال مباريات البطولة فشارك بفاعلية مع زملائه وراوغ ومرر وسجّل أخيراً احتفل بالكأس مع زملائه الأبطال الذين لا ينسون في تلك البطولة التي لا تنسى، بقي أن أشير إلى محطات تاريخية لسامي منها هدفه الرائع في مرمى (توماس نكونو) حارس منتخب نجوم العالم في مباراة اعتزال الامبراطور الكابتن صالح النعيمة عام 1991م، وكان (نكونو) حارس منتخب بلاده الكاميرون في مونديال ايطاليا 90 الذي هزم منتخب الأرجنتين في المباراة الافتتاحية بهدف دون مقابل وكانت الارجنتين حاملة اللقب بقيادة الاسطورة ديغو ارماندو مارادونا، وأن ننسى فلن ننسى ما فعله سامي بدفاع المنتخب الانجليزي على استاد (ويمبلي) العريق عام 1998م في المباراة الودية التي جمعت منتخبنا الوطني بنظيره الانجليزي استعدادا لمونديال فرنسا 98 التي لقي بعدها إشادة المراقبين والمحللين، وكانت فيما بعد سببا لاحترافه عام 1999م في الدوري الإنجليزي كثيرة هي الوقائع والمناسبات التي وضع فيها سامي بصمته وهو يهتف مع كل مناسبة لجماهير بصوت عالٍ (أنا أحبكم) ولكن خشية الإطالة أكتفي بذلك، وداعا سامي فستظل أمثولة حية للرياضي المميز وستظل راحلاً في الأوردة وباقياً في الأفئدة وعلى دروب الخير والمحبة دوما نلتقي.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد