نجحت الجماهير نساء غزة ورجالها فيما عجزت عنه الأسرة الدولية وحكومات الدول الصديقة للفلسطينيين من حكومات عربية وإسلامية وأوروبية شرقية وغربية؛ ففي الوقت الذي لا يزال فيه مجلس الأمن الدولي عاجزاً عن إصدار بيان رئاسي يطلب من إسرائيل تخفيف الحصار المضروب على قطاع غزة للسماح للأغذية والأدوية والغاز والنفط بالدخول إلى القطاع لإنقاذ أهل غزة من الإبادة التي تسعى إليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي..!!
في ظل هذا العجز والشلل الذي يسيطر على مجلس الأمن الدولي في كل ما يتعلق بإسرائيل وجرائمها، نجحت نساء فلسطين ورجالها وأزالوا الحواجز واخترقوا الحدود مع مصر.
ولقد أثبتت حادثة تحطيم حواجز معبر رفح، وقدرة الجماهير الفلسطينية على اختراق الحدود، أشياء عديدة على المهتمين بحركة النضال العربي والعرب جميعاً الاستفادة منها وتفعيلها:
1- الجماهير عندما تحاصر وتهددها سلطات الاحتلال أو أي سلطة أخرى في غذائها ودوائها لا يمكن أن تستكين ولا يمكن التنبؤ بما تقوم به.
2- الغضبة الجماهيرية التي كانت بداياتها من النسوة الغزاويات اللاتي توجه الآلاف منهن إلى معبر رفح متظاهرات ومطالبات بفتح المعبر لعبور شاحنات الأغذية والأدوية، وبعدها بيوم قام عدد من الرجال بتفجير أماكن في الجدار الاسمنتي الذي يعزل الأراضي الفلسطينية عن الأراضي المصرية، وبعد التفجير اندفعت الجماهير الفلسطينية نساء ورجال نحو الأراضي المصرية حيث وصل أكثر من ربع مليون فلسطيني قاموا بشراء حاجياتهم من الغذاء والدواء والملابس الشتوية وعادوا إلى فلسطين.
3- كان تعامل رجال الأمن المصري والمواطنين المصريين في رفح المصرية والعريش يؤكد وحدة الدم العربية والإسلامية، فرجال الأمن تفهموا الأوضاع الإنسانية للجماهير الفلسطينية فسمحوا لهم باجتياز الحدود، والمواطنون المصريون المدنيون سكان رفح المصرية والعريش كانوا كرماء مع إخوانهم الفلسطينيين وبعض التجار باعوهم البضائع بالأسعار العادية دون استغلال أو زيادة بل إن هناك شاحنات محملة بالغذاء والدواء وصلت من المحافظات المصرية سلمت للفلسطينيين مجاناً..!
4- أكدت الحالة أنه لا أحد يستطيع أن يقف أمام غضب الجياع، ومع أن هذه البديهية مؤكدة منذ غضبة الجماهير الفرنسية التي أدت إلى الثورة الفرنسية بسبب فقدان الفرنسيين للخبز، وزاد غضب الفرنسيين وتحول إلى ثورة بينما نصحت ملكة فرنسا الجماهير الجائعة باستبدال الخبز بالكعك..!!
الفلسطينيون لم يجدوا خبزاً ولا كعكاً ولا غذاء ولا دواء.. ولا كهرباء.. ولا تعاطف ولذلك فجروا غضبهم وأزاحوا الحواجز وحطموا الحدود، وعادوا بالغذاء والدواء.. فنعم ما فعلوا. نعم المستقبلين من أهل مصر.. فقد تجاوبوا مع فطرتهم وما يمليه عليهم دينهم ودمهم العربي.
jaser@al-jazirah.com.sa